كونوا ‹أبناء النهار دا› في علاقاتكم مع مصر أو مع غيرِها !!

د. بشير إدريس محمدزين

• ما ينفكُّ بعضُ السودانيين يقولون إننا أحسنَّا لمصر أن منحناها أرض وادي حلفا لتبني عليها السد العالي، ولتخزِّن فيها ماءها لسنين، وأننا وافقنا على إغراق حضارة النوبة من أجل مصر، وأننا أهلُ أفضالٍ جمة على مصر!!
وهذا الكلام على ما فيه من حقيقة، ولكنه ساذجٌ إلى أبعد الحدود، بخاصة عندما يوزن بميزان السياسة !!

الحقيقة التي يعرفُها الجميع أن العلاقات بين الدول هي علاقاتُ مصلحة، مرتبطة بظرفها المعيَّن، لا بالأشخاص الذين يتداولون السلطة !!

وفي الدول التي يكون فيها تداولٌ بشكلٍ ما للسلطة، فإن الزعيم الجديد لا يهمه ما فعل الآخرون من معروفٍ للذي سبقه، بل يهمه أن يحقق مصلحة بلاده الآن، وفي فترة حكمه..ومع أن هذا الكلام ليس مطلقاً، ولكنه صحيحٌ في غالبه..

• مصر دخلت صفقة السد العالي مع دولة السودان في الستينيات من القرن الماضي وأستطاعت أن تحقق مصلحةً عليا لشعبها أكثر مما حقق الساسةُ السودانيون لبلادهم في تلك الصفقة، وهذا لا يُلام عليه المصريون بقدر ما يلامُ عليه الساسةُ السودانيون، كما ليس في علم السياسة الحصيف أن تقول إننا فعلنا لكم كذا وكذا في الصفقة الفلانية، في عام كذا، وتنتظر أن تُكافأ على ذلك بعد مُضي أكثر من نصف قرن، إذ هذا يعتبرُ أمراً مضى في حينه، وطُويت صحائفُه في حينها بالنسبة لمصر، ولم يتبقَّ للسودانيين إلا إجترار الذكريات !!

• من المهم الآن أن يفهم السودانيون أن مصر، مع ما يظنون من أنانيتها، هي الأقرب لبلادهم، وهي الأولى بتعاملهم، وهي الأدنى لتحقيق مصالحهم، بغض النظر عن كل بغضاء وغُبنٍ قديم، كما لابد أن نفهم أن مصر (الدولة) أكثر إحتراماً، عند غالب دول العالم من السودان (الدولة) في الوقت الحاضر، وبكل أسف، طبعاً بسبب سياسات الإنقاذ المتأخرة معها، ومع دول العالم الأخرى..

إنّ العالم مستعدٌ الآن للإستماع لمصر بأكثر مما هو مستعدٌ للإستماع للسودان، برغم ما حقق السودان آخيراً من إحترام ما يزال يتزايد بعد سقوط الإنقاذ !!

• إنَّ على السودان، في علاقته مع مصر، ومع كل دول العالم، أن يتصرف بعقل المصلحة، لا بإندفاع العاطفة، وألا ينظر للماضي إلا للإعتبار والعِظة، وسيكون من غير الحكمة أن نعتقد أننا قد قدَّمنا معروفاً لدولةٍ مَّا في هيئة أشخاص، وأن هذه الدولة، في هيئة أشخاصٍ آخرين، ستقدم لنا معروفاً منتظراً !!

• نحن أبناء النهار دا ويجب أن نفكِّر بعقلية النهار دا، وأن نعمل على تحقيق مصالحنا مع مصر، وكأننا نبدأ مع دولةٍ لم يكُن لنا معها سابق معرفة، وهكذا تعملُ السياسة من أجل تحقيق المصالح !!

سطر جديد..

••••

صحيفة التحرير

Exit mobile version