أموال ثمرات .. تساؤلات حول الصرف والأرقام
تزايدت الشكوك والتساؤلات حول تعاطي الحكومة والجهات المعنية بإدارة المال العام، في ظل تدني مستوي الشفافية والإفصاح عن كثير من الحقائق، وتقوم الحكومة عدة مشروعات تتعلق بالمال العام، جميعها تنقصها الشفافية الكافية، مع تزايد التساؤلات حول هذه الأموال وحجمها وكيفية صرفها والمستفيدين منها، وآخرها مشروع دعم الأسر السودانية، “ثمرات”.
وأدى نقص الشفافية في محور إطلاع الرأي العام والجمهور على بيانات المال العام، لحصول السودان في مسح تم في العام 2019م على درجتين فقط من جملة مائة درجة، وهو أحد محاور الموازنة المفتوحة الخاص بالموازنة ومكوناتها والميزانية ومسيرتها من حيث مصادر الإيرادات ومصارف المصروفات والوثائق المطلوبة ونشر تلك المعلومات على الإنترنت لتكون متاحة للجميع.
كشف الحقائق
وأثارت منظمة الشفافية السودانية، قضية أموال “ثمرات” بعد مطالبتها الجهات المعنية في الحكومة وعلى رأسها وزارة المالية بتوضيح حقيقة برنامج “ثمرات”، وكشف تفاصيل مصادر أموال البرنامج وحجمها مقرونة بتفاصيل مصارفها ونسبة التنفيذ في حجم الأموال التي تم صرفها للمستفيدين وعددهم ونسبتهم، على أن يتم ذلك بشفافية تامة وإفصاح مبين.
وشدد في بيان صحفي على تأكيد ديوان المراجعة القومي على ذلك، كسباً لثقة شعبها والمانحين لتحقيق أهداف البرنامج.
تفاصيل غائبة
وحتي اللحظة، ما تزال كثير من التفاصيل بشأن حجم الصرف وعدد المستفيدين فعلياً طي الغيب، فيما أقر مسؤولو برنامج “ثمرات”، بوجود إشكالات تجري معالجتها.
وحسب بيان صادر عن “ثمرات” الإسبوع المنصرم، أن الدعم المالي المقدم يتبع الإجراءات والضوابط المالية التي تتبعها الأجهزة المصرفية الرسمية بما فيها الدفع عبر شركات الاتصالات المختلفة.
وقال البيان إن إدارة برنامج دعم الأسر السودانية ثمرات تعمل حالياً على معالجة جميع الإشكاليات الفنية التي تحول دون وصول الدعم المالي للأسر التي أكملت عملية التسجيل فعلياً، ولم تتلق أي دعم حتى الآن.
وأضاف البيان ببدء البرنامج فعلياً وعبر شركات الاتصالات في تحويل الدعم المالي للأسر التي تم تعديل بياناتها بمراكز التسجيل بالولايات المذكورة، وأكد البيان أن هناك بعض الحلول المؤقتة التي يسعى البرنامج لاستخدامها ليتمكن من تحويل الدعم لجميع الأسر المسجلة والمكتملة البيانات.
شكوك حول الأرقام
في مطلع العام الجديد، أقرت الحكومة موازنة العام 2021م، وفق تفاصيل وبيانات وأرقام أعلنتها في حينها، رغم تشكيك أصوات وعلى رأسها اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير في صدقية الموازنة وأرقامها، لكن ما لبثت أن شرعت وزارة المالية في إجراء تعديلات على الموازنة شملت زيادة أسعار الكهرباء والوقود، وتلتها زيادة قيمة الدولار الجمركي مرتين قبل إلغاء العمل به كلياً، وكل هذا في موازنة واحدة.
قضايا أخرى
وحتى اليوم ما تزال الصورة ضبابية حول الأموال المستردة من لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال، وذات الأمر ينطبق على الأموال التي حصلت عليها الحكومة في مشروع “القومة للسودان” الذي وصلت تبرعاته لأرقام فلكية بمختلف العملات من مواطنين ومؤسسات بالداخل وتبرعات المغتربين، إلا أن الحكومة لم تعلن بنود توظيف هذه الموارد وهل تم استخدامها أم لا، وبالقطع فقدت هذه الأموال 80% من قيمتها الآن بسبب التضخم.
غياب مكافحة الفساد
وأدى غياب مؤسسات مكافحة الفساد وعدم نشر تقارير المراجع العام، لزيادة صعوبة استجلاء وتتبع ملف إدارة المال العام، حيث تحدد تقارير المراجع العام طبيعة وحجم التجاوزات بالأرقام والمستندات، والشاهد أن آخر ما قدمه المراجع لحكومة السودان كان قبل سقوط النظام السابق أي في العام 2018م، ومنذ تلك اللحظة لم يقدم أي تقرير للمراجع العام.
كما لم تتشكل الفوضية القومية لمحاربة الفساد رغم إجازة قانونها، وهي الجهة المفترض بها الكشف عن قضايا الفساد المالي وتقديم بينات واضحة بشأنها.
الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة