* اتهمنى البعض بالعنصرية ووجهوا لي الكثير من الاساءات والشتائم عبر كل الوسائل المتاحة على الوسائط الإلكترونية، عندما كتبت عدة مقالات من قبل تحت عنوان (احتلال الخرطوم)، انتقدت فيها دخول قوات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا الى الخرطوم واحتلالها لبعض المواقع المدنية مثل الحديقة الدولية والمقر الأولمبي وغيرهما، بما يمثل انتهاكاً للاتفاقية التي تنص على بقاء قوات الحركات خارج المدن وبعيداً عن الحدود الدولية بما لا يقل عن خمسين كيلومترا، وهو ما أكده لاحقاً مقرر لجنة الوساطة الدكتور (ضيو مطوك) معرباً عن أسفه لهذا الانتهاك الخطير ومطالباً الحركات بالالتزام بالاتفاقية وإخراج قواتها من الخرطوم!
* وأبدت الكثير من الجهات الرسمية والشعبية غضبها ورفضها لهذا الانتهاك ووجود القوات بين المدنيين، ووصل الامر الى اللجنة الأولمبية الدولية التي أرسلت خطاباً لمجلس السيادة ومجلس الوزراء تعرب عن أسفها لاقتحام القوات مقر اللجنة الأولمبية السودانية وتطالب بخروجها وتهدد باتخاذ قرار قد يصل الى حرمان السودان من المشاركة في كل المنافسات الرياضية ان لم تخرج القوات من مقر اللجنة الاولمبية، مما اضطر الفريق (البرهان) الى التدخل لإخراج القوات من المقر اللجنة الاولمبية، وصدر لاحقاً بعد قوع بعض الاشتباكات المسلحة بين عناصر احدى الحركات وانتشار عمليات التجنيد وبيع الرتب العسكرية داخل الحركات قرار من مجلس الدفاع والامن بإفراغ الخرطوم والمدن الرئيسة من الوجود المسلح للحركات، ومنع التجنيد وبيع الرتب العسكرية، ولكن لم تلتزم بعض الحركات بتنفيذ القرار وظلت قواتها تقبع داخل ولاية الخرطوم، وأحد الامثلة (مخطط التيسير السكني للمعلمين) بالخرطوم الذي نصبت عليه قوة تابعة لإحدى الحركات المسلحة خيامها وحولته الى ثكنة عسكرية منذ فترة طويلة!
* وجاء في الانباء قبل ثلاثة أيام ان القوة التي تتسلح بعتاد عسكري ثقيل قامت بطرد قوات الشرطة من المكان وشرعت في بيع وتوزيع أراضي المخطط لبعض المواطنين، الأمر الذى أدى لحدوث حالة من التذمر والغضب وسط اصحاب الأرض الأصليين الذين خاطبوا عبر أجهزة الاعلام مجلس السيادة والقوات النظامية بالتدخل وإخراج القوة المحتلة وإيقاف عملية التوزيع والبيع الجارية قبل أن تستفحل الامور ويصبح من العسير إخراج الذين حصلوا على الارض بطريقة غير قانونية، ولا يدري أحد ماذا يمكن أن يحدث إذا حاول البعض التدخل لحماية حقوقه أو حتى معرفة مصيرها!
* عندما اخترت عنوان (احتلال الخرطوم) لمقالاتي عن انتهاك القوات التابعة لبعض الحركات المسلحة لاتفاقية الترتيبات الأمنية واقتحام بعض المواقع في الخرطوم وإقامة معسكراتهم فيها، نشط بعض الاخوة الكُتاب في الرد علىَّ من بينهم العميد متقاعد (حيدر المشرف) الذي يجد مني كل التقدير والاحترام، وارجو ان يسمح لي باجتزاء جزء قصير من المقال الذي كتبه تعليقاً على الموضوع :
* “الاحتلال بمعناه الواسع هو عبارة عن عملية عسكرية مدنية تأتي بعد هزيمة عسكرية لقوات معادية تم تحييدها أو تدميرها أو هزيمتها عسكرياً، وينظم القانون الدولي الإنساني والعهد العالمي لحقوق الإنسان عمليات إعادة الاستقرار في المناطق المحتلة لتعود الحياة إلى طبيعتها. ولعل أفضل الأمثلة على ذلك هو احتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة بعد هزيمة 1967، واحتلال أمريكا وحلفائها للعراق بعد حرب الخليج الثانية 2003”. (انتهى)
* في حقيقة الامر فإنني لم أقصد (الاحتلال) بالمفهوم العسكري، وما زلت على نفس المقصد باختياري كلمة (احتلال) لتكون جزءاً من عنوان هذا المقال، ولكن ماذا نسمي اقتحام قوة عسكرية مدججة بعتاد عسكري ثقيل لمخطط سكني يملكه غيرها، ونصب خيامها والاقامة فيه ثم طرد قوات الشرطة، والاستحواذ بالقوة المسلحة عليه والشروع في بيع وتوزيع الارض لبعض المواطنين وكأنها ملك لها، ومن يضمن ألا يحدث ذلك في مواقع أخرى ما دامت القوات التابعة لبعض الحركات المسلحة موجودة بعتادها العسكري في الخرطوم ؟!
زهير السراج
صحيفة الجريدة