أحمد يوسف التاي يكتب: ”سلام” الرعب والمحاصصات

(1)

بينما لا تزال حكومة حمدوك تتباهى بنتائج التفاوض مع حركات دارفور و“الحلو“ وتنتظر شروطاً أخرى لـ “عبد الواحد“ وتسميه “سلاماً“ ، بدا هذا “السلام“ الذي تعتبره الحكومة إنجازاً عجزت عنه كل الحكومات، بدا أشبه ببرميل من البارود يجثو على فوهة بركان يوشك أن ينفجر في أية لحظة.. وهل ما يحدث في الشرق الآن إلا واحدة من الثمار المرة لاتفاق جوبا… فما حدث في جوبا مع الحركات المسلحة ليس سلاماً بل محاصصات، وما سيحدث مع الحلو غداً سيكون اقتساماً للسلطة والثروة والمناصب وليس سلاماً ، وما سيحدث مع عبد الواحد سيكون كذلك، لأن القضية واحدة وأسبابها متشابهة وعقلية التفاوض واحدة ومنهج حل القضايا واحد ، والنتائج كلها ستكون واحدة ومتشابهة إلى حد التطابق… أعيد وأكرر ما حدث ويحدث ليس سلاماً بل تقاسم مواقع وغنائم سلطوية، ولن يضع حداً لمعاناة اللاجئين والنازحين ، ولن يوقف شلالات الدماء في أطراف البلاد، ولن تأمن معه الخرطوم من التفلتات الأمنية وحوادث السطو والنهب.. إذا سألت الآن أي مسؤول عن السلام سيجيب بأننا حققنا 90% من السلام بينما أطراف البلاد تشتعل بالحرائق والمذابح وحصاد الموت اللئيم..

(2)

ما جرى أمس الأول من أحداث في مدينتي بورتسودان وكالوقي بجنوب كردفان هو تطور جديد يؤكد ما ذهبنا إليه في مقدمة هذا المقال ، نزاعات مسلحة بين القبائل ، وتفجيرات بالقنابل تشير إلى مرحلة جديدة من العنف في ظل تمدد الهشاشة والاسترخاء الأمني والغفلة وضياع هيبة الدولة ، وكل هذا يعني أنكم لم تحققوا سلاماً بل تقاسمتم السلطة والمواقع والمغانم فقط، والأوضاع الأمنية تمضي إلى درك سحيق ليس في الشرق وحده ولا دارفور ولا جنوب كردفان وحدها بل حتى في العاصمة التي أشهد فيها بصورة شبه يومية شجار المواطنين بالأسلحة البيضاء في الأماكن العامة دون تدخل من الشرطة، (إي والله)… السلام ليس مناصب تُسكت الأصوات العالية ولا مواقع تُمنح لأرباب “الكفاح“ بل هو أمان وسكينة وإسكات لصوت الرصاص وكبح جماح الانفلاتات الأمنية والجريمة المنظمة والعشوائية…

(3)

حتى القوات التي يقال عنها صانعة السلام وشركاءه جاء بعضهم الخرطوم ليصنع الرعب والإرهاب بدل السلام، وأظنكم قرأتم قصة (استيلاء قوة مسلحة على مخطط سكني بالخرطوم) …القوة المدججة بالأسلحة الثقيلة التي استولت على المخطط والتي جاءت ضمن الترتيبات الأمنية لم تقف عند حد الاستيلاء على ذلك المخطط بل أمعنت في توزيع القطع وبيعها…!!!! الأسبوع الفائت كانت قوة مسلحة ـ قدِمت إلى الخرطوم ضمن الترتيبات الأمنيةـ استولت على مقر الاتحاد العام للطلاب السودانيين جنوب قاعة الصداقة مما دفع بقوة مسلحة من الشرطة لاستعادة المبنى منها وإخراجها بالقوة من هناك.. وقبل ذلك كانت الحديقة الدولية وجزء من مباني مجلس الصداقة الشعبية ، ومقر اللجنة الأولمبية السودانية مسرحاً للأحداث بعد اقتحام قوات مسلحة المقر وفصل أجهزة وكاميرات المراقبة، ومنع الموظفين من القيام بالاحتياطات اللازمة لحماية المكاتب والمستندات والأجهزة قبل إخلاء المكان…بينما كان هناك حديث و(فيديوهات) عن اقتحام ميدان عقرب ببحري، هل يعني السلام انتقال الحرب والأسلحة الثقيلة إلى العاصمة وإثارة هذا الرعب بين المواطنين والاستيلاء على المخططات السكنية والمرافق العامة، أعود وأقول ما صنعتوه ليس سلاماً بل اقتسام للسلطة والثروة والمناصب بينما اللاجئون والنازحون وضحايا الحرب يعانون في أوقات السلام أكثر من أيام الحرب…. اللهم هذا قسمي في ما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version