فاقت أسعار إيجار العقارات والشقق والبيوت كل التوقعات، وارتفعت ارتفاعاً هائلاً، نتيجة تفاقم الأوضاع الاقتصادية، وتحكّم ملاك العقارات في الاسعار وبخاصة في قلب الخرطوم بمناطق الرياض والمنشية والطائف، والمعمورة والخرطوم 2، وحي الشاطئ وبري والصبابي والصافية وغيرها من الأحياء الراقية، حيث يتم الاستئجار ببعض المناطق بالدولار، وتتراوح أسعاره بين 500 وألف دولار ببعض الأحياء، وأكثر المستأجرين في تلك الأحياء من الأجانب والبعثات الدبلوماسية ورجال الأعمال والمستثمرين القادمين من خارج البلاد فضلا عن أسر المغتربين.
ويرى خبراء ومختصون أن للمغالاة في أسعار الإيجارات آثاراً سالبة اقتصادياً واجتماعياً، إذ يعجز العديد من الشباب عن الزواج بسبب عجزهم عن الإيفاء بأبسط متطلبات الحياة الزوجية، في وقت يشكو فيه كثيرٌ من المواطنين من عدم كفاية مرتباتهم ودخولهم في الإيفاء بالفواتير الشهرية وعلى رأسها إيجار المنازل، مؤكدين أن سعر الغرفة الواحدة مع حمام ومطبخ أحياناً وفي مساحة صغيرة تجاوز 25 ألف جنيه في الشهر.
وكشفت جولة لـ(مداميك) على بعض أسواق إيجار العقارات، أن الخرطوم الأعلى سعراً وبخاصة الشقق، وتتفاوت الأسعار حسب المساحة والموقع.
يقول صاحب مكتب العقارات يوسف عثمان، إن هناك مبالغة كبيرة في إيجار الشقق وبخاصة الخرطوم، وتبدأ الأسعار من 85 ألف وتتجاوز 200 ألف جنيه ببعض المناطق، أما الشقق المفروشة – يضيف عثمان – يتم احتساب إيجارها باليوم، وتترواح أسعار شقة استديو أو غرفتين بين 15 و 17 ألف جنيه لليوم الواحد، وفي حال الإيجار لأكثر من أسبوع يتم عمل خصم.
وأضاف عثمان أن الأحياء الشعبية تتراوح أسعار إيجار المنازل العادية فيها ما بين 30 و 50 ألف جنيه، وقد تتجاوز ذلك ببعض مناطق الكلاكات والصحافة وبحري والمزاد والشعبية وغيرها من المناطق، وفي منطقة أم درمان تختلف الأسعار من منطقة إلى أخرى، وتتفاوت الاسعار في أحياء المهندسين والدوحة والواحة ومدينة النيل، وتبدأ أسعار الشقق من 80 ألف جنيه وتتجاوز 120 ألفاً حسب المساحة والموقع.
وقال مواطنون لـ(مداميك)، إن سوق الإيجارات للبيوت الشعبية أصبح عبارة عن مرتع لمن وصفوهم بالانتهازيين، موضحين أن قيمة إيجار منزل صغير المساحة يتكون من غرفة واحدة دون برندة وبه مطبخ وحمام واحد 25 ألف جنيه، مؤكدين أن العديد من الأسر لا تملك هذا المبغ لتدفعه شهرياً من أجل الإيجار، في وقت يعمل فيه أصحاب المنازل على تقسيمها بمساحات صغيرة وتأجيرها بمبالغ كبيرة تفوق قدرة المواطنين.
وطالب مواطنون الحكومة بحسم الاستغلال الذي يمارسه أصحاب المنازل وفرض ضرائب عليهم أو تحديد سقف للإيجار لا يتجاوز 20 ألف جنيه للمنزل من غرفتين.
واعتبر الخبير الاقتصادي د. محمد عبد العزيز في حديث لـ(مداميك)، أن ما يحدث في إيجار العقارات من ارتفاع نتيجة طبيعية لتراجع قيمة العملة الوطنية، وتفاقم الأمر أكثر بعد توحيد سعر الصرف في فبراير المنصرم، مبيناً أن هذا الأمر انعكس بصورة سالبة وأدى إلى الزيادات الكبيرة التي تشهدها إيجارات الشقق والبيوت الشعبية، لأن العديد من المواطنين ممن لديهم مدخرات بالجنيه السوداني يعمدون لتحويلها إلى عقار أو أرض أو شراء شقة أو سيارة أو الاحتفاظ بالعملات الأجنبية لأنها صارت ملاذاً آمناً للمدخرات، بدل الاحتفاظ بالجنيه الذي ظل يفقد قيمته بصورة متسارعة.
وعزا عبد العزيز، التدهور في قيمة العملة للسياسات الاقتصادية التي تنتهجها الدولة، لأنها قامت برفع أسعار جميع الخدمات، من وقود وكهرباء وخبز، منوهاً إلى أن تراجع قيمة العملة الوطنية له انعكاس سلبي ويزيد معدلات التضخم.
الخرطوم – عواطف محجوب
مداميك