بعد نجاح ثورة ديسمبر واستقامة الأمر للحكومة الانتقالية، برزت حاجة ماسة لتقنين نشاط لجان التغيير التي كان لها قصب السبق في تحريك الثورة من الأحياء فكان أن قرر المجلس الأعلى للحكم المحلي إعادة هيكلة وتكوين لجان الخدمات والتغيير وفقًا للأسس والضوابط الخاصة بتشكيل لجان الخدمات، واشترط أن تشمل اللجنة الجديدة ملاك المواقع التجارية والممارسين للأنشطة المختلفة بالأسواق والأحياء.. وربما كان تأخير تنفيذ القرار الذي صدر قبل عامين قد ترك اثراً وفراغاً في ظل عدم اكتمال مؤسسات الدولة التشريعية ما يشير لوجود أسئلة كثيرة تدور حول قانونية تلك اللجان وشرعنة تفويضها البعض ينظر لها بأنها ضرورية لأنها سلطة الدولة في الأحياء.
معايير وضوابط
وكان وزير الحكم الاتحادي السابق د. يوسف آدم الضي قد وقع في الخامس من نوفمبر 2019م على مرسوم بتشكيل لجان الخدمات والتغيير, وعرف لجان التغيير والخدمات بأنها تنظيمات شعبية بالأحياء والقرى والفرقان والأسواق والمناطق الصناعية تساهم في نشر وعي المواطن للتعرف على حقوقه وواجباته وحدد تكوين لجان التغيير والخدمات من (10-12) عضواً، وأن يتم اختيارهم وفق الأسس والمعايير الآتية: حيث يتم الترشيح للعضوية بالتشاور مع قوى الحرية والتغيير وتوافق مواطني الحي، القرية، الفريق، والعاملين بالمناطق الصناعية والأسواق. ويتم اعتماد قوائم اللجان بواسطة المديرين التنفيذيين للمحليات بجانب ذلك أن لا يقل عمر العضو عن (18) سنة أن لا يكون قد شارك في عضوية اللجان الشعبية السابقة أو انتمى للنظام البائد، أن لا يكون قد أدين في جريمة تمس الشرف والأمانة، تمثيل المرأة في عضوية اللجان بنسبة 40% حسب مقتضى الحال، وأن يكون العضو مؤمناً بما تتضمنه الوثيقة الدستورية وأن يسعى جاهداً في تنفيذ بنودها وينص التكوين على ان يتم اختيار منسقي اللجان بالوحدات الإدارية ومنسق عام بالمحلية بالتنسيق مع قوى الحرية والتغيير والمدير التنفيذي بالمحلية.
تفعيل المشاركة
وفيما يختص بالسلطات حدد المرسوم تفعيل المشاركة الشعبية والدعوة لقيام المؤتمرات والندوات والحشد الجماهيري واستقطاب الجهد الشعبي. وأن تتلمس احتياجات المواطنين ورغباتهم واقتراح الخطط الخدمية ومتابعة تنفيذها مع الجهاز التنفيذي بالمحلية. بالإضافة الى الرقابة على الخدمات الأساسية والضرورية. وهي الحصر الدقيق لسكان الحي على أن يشمل (العمر، النوع، المؤهل العلمي، الدخل). والتنسيق والمشاركة في توزيع الدعم الاجتماعي برقعته الجغرافية. والتنسيق مع المجالس التربوية والجمعيات الخيرية ودور العبادة ورياض الأطفال وفصول محو الأمية بجانب المشاركة في أعمال النظافة وترقية وتنظيم خدمات البيئة ومنع التلوث. والمشاركة في إعداد خطط ومشروعات درء الكوارث وإغاثة المنكوبين. ومراقبة المباني غير المشروعة والحجوزات غير المقننة والتعدي على الميادين العامة والأراضي الحكومية والتبليغ عنها. أضف إلى ذلك تحرير الشهادات الإدارية وفقاً لما تحدده المحلية.
غير أن التكوين يحظر على لجان التغيير والخدمات التعامل مع الأراضي بأي كيفية. ولكن أعطى اللجان حق المشاركة في تسوير وإنارة المقابر بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة والجمعيات الخيرية والطوعية. بجانب المشاركة في تشجير الطرق العامة والأحياء واستزراع الغابات وحمايتها، وحماية المراعي وفتح خطوط النار بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة. والمشاركة في حملات التطعيم وإنجاح برامج صحة الأمومة والطفولة. وفي الاحتفالات الرسمية والشعبية وتشجيع البرامج الثقافية والاجتماعية والرياضية، وأي مهام أخرى توكل إليها من الجهات التنفيذية.
وفيما يختص بالهيكل الإداري يتكون الهيكل الإداري للجان التغيير والخدمات من الرئيس والأمين العام وأمين المال، أو أي لجان حسب مقتضى الحال. تتكون الإجراءات المالية لعمل اللجان من الإيرادات والمصروفات حسب ما هو موضح الإيرادات: دعم المحلية. رسوم الشهادات الإدارية. التبرعات والهبات. أي مصادر أخرى. وقيد المصروفات بأن تلتزم اللجنة بصرف ميزانيتها في بنودها المخصصة والمحددة مع الاحتفاظ بمستندات الصرف لغرض المراجعة بواسطة المراجعه العامة.
مهام وسلطات
عندما احتدم الجدل خلال الفترات السابقة حول بعض سلوك لجان المقاومة بالأحياء، وكيف أنها تغوَّلت على مهام وسلطات دون أية شرعية قانونية، بدأ الحديث عن ضرورة وجود ما يسمى لجان التغيير والخدمات, ويقول القانوني غبراهيم محمد لـ(الصيحة)، إن قرار وزير الحكم الاتحادي في السابق الذي صدر والقاضي بشرعنة هذه اللجان، التي أطلق عليها اسم لجان التغيير والخدمات، أراد أن يقدم تعريفاً حول ماهية اللجان، وكيفية تعيينها، ومهامها واختصاصاتها، مما استوجب النقاش حوله مع المعنيين بلجان المقاومة في قوى الحرية والتغيير، والمختصين في شؤون الحكم اللامركزي. ولان القرار قصد منه إكمال هياكل العمل في الأحياء والقرى، فإن عملية تقنين مسار (لجان المقاومة) كانت موجبة حتى تتمكن من ممارسة اختصاصاتها ومهامها، وذلك لسد الفراغ الإداري والخدمي على المستوى القاعدي. وبالتالي عمل لجان التغيير بالأحياء مهم جداً في ظل الهشاسة في بعض مؤسسات الدولة وتمدد الظل الإداري وعدم وجود مجلس تشريعي يمكن أن يغطي بعض ما تقوم به اللجان في الأحياء، ولذلك كان من الضروري أن تقوم الدولة بذلك في وقت مبكر ولا تترك ذلك لأي جهة, وعمل لجان الأحياء هنالك مساحات واسعة من العمل الذكي الذي يمكن أن تلعبه اللجان ومن الضروري الإشارة إلى الفترة الانتقالية التي تمر بالدولة بجانب ذلك التحديات التي تحيط بالبلاد مما يستوجب إقرار هيكلة وتكوين لجان التغيير في الأحياء، ولعل اللجان السابقة قامت بدور ولكن في حدود مقدرتها وقدراتها في العمل مما يستدعي وجود تشريع تقوم به.
إطار مفاهيمي
ولفت بعض القانونيين إلى قانوني الحكم المحلي الإطاري وقانون الحكم المحلي، وفيهما تحديد أشكال اللجان الشعبية التي كانت في الماضي، ولما تغير اسمها للجان التغيير والخدمات، فإن الواقع يستدعي تعديل تلك القوانين لتواكب الوضع الحالي، أما اذا تم إلغاؤها، فذلك يستقيم مع المستجدات الراهنة، ومن البنود المبهمة طبيعة علاقة لجان التغيير والخدمات مع المحليات. فالقرار أوضح أن المدير التنفيذي بالمحلية هو المسؤول عن إجازة اللجان، ولكنه لم يوضح طبيعة العلاقة بين الطرفين بعد إجازة اللجان من قبل المدير التنفيذي، كما أن للوالي وفقاً للقرار حل لجان التغيير والخدمات بالتشاور مع قوى الحرية والتغيير، لكن ليس لديه اية سلطة رقابية عليها. وأشاروا إلى أن وزارة الحكم المركزي التي أصدرت قرار تشكيل اللجان، فهي لم تضع لنفسها أي اختصاص تجاه هذه اللجان، وتركت الأمر للولاة. وفيما يتصل بمهمة اللجان في بسط الأمن التي وردت في القرار أوضح النعيم أن الأمن المقصود هو الأمن الاجتماعي داخل الأحياء، وأن للجان المبادرة بطرح الاحتياجات الأمنية على السلطات الأمنية المعنية بحفظ الأمن، وليس أكثر من ذلك.
تقرير: صلاح مختار
صحيفة الصيحة