يوسف السندي يكتب رؤى حول تطوير اداء الاحزاب السياسية

الحزب السياسي هو وعاء منظم، يضم جماعة من المواطنين تربطهم مباديء وافكار ومصالح مشتركة، غرض الحزب هو الوصول للسلطة او المشاركة فيها لتحقيق أهدافه خدمة للوطن والمواطنين. هذا هو تعريف الحزب السياسي بشكل مختصر. من هذا التعريف يتضح أن مكونات الحزب هي التنظيم، العضوية/المواطنين المنضمين للحزب، الأفكار المشتركة، الأهداف، ويتضح من التعريف ايضا ان غاية كل حزب سياسي لتحقيق أهدافه هو الوصول للسلطة او المشاركة فيها باعتبارها الوسيلة الصحيحة لتحقيق الأهداف السياسية. مهم التنبيه إلى أن الوصول للسلطة يجب أن يكون عبر الوسائل المشروعة كالانتخابات والحكومات القومية، وليس عبر الوسائل غير المشروعة كالانقلابات.

لكي ينجح اي حزب في مشواره السياسي فالمطلوب منه ان يعمل على تطوير مكوناته بدءا بصياغة الأفكار والمباديء التي يمثلها ويدافع عنها والوعاء التنظيمي المناسب الذي يحملها، مرورا بطرحها على الجماهير واقناعهم بها ودعوتهم للانضمام إليها، هذه الأفكار يجب ان تمثل في مضمونها مصلحة لهذه الجماهير ومصلحة للوطن ككل حتى تجذب الجماهير للالتفاف حولها ودعم الحزب في الانتخابات، وهذا ما سيقوده إلى السلطة لينفذ عبرها هذه الأفكار والبرامج التي يمثلها ويطرحها. هذا المختصر المبسط يجعل الجميع واعيا بتعريف الحزب السياسي وبمكوناته وبطريقة عمله.

لكي يقيس الحزب مستواه في الممارسة السياسية فخير معيار لذلك هو السباق الانتخابي، كلما تقدم الحزب في روليت الانتخابات إلى الأعلى دل ذلك على تطوره ونجاحه، وهو ما يؤكد على ان هناك إقبال جماهيري على أفكار الحزب ومبادئه، وهي بطاقة له للمواصلة في التمسك بهذه الأفكار والمباديء، بينما اذا حدث العكس وتراجع الحزب في الشباك الانتخابي، فهذا دليل فشل ومؤشر على وجود مشكلة او مشاكل في مكونات الحزب وهي الأفكار او التنظيم أو الأهداف، وهذا يستوجب ان يدرس الحزب هذا الفشل ويصل إلى الأسباب ويعمل على معالجتها قبل الاستحقاق الانتخابي القادم.

الحزب الذكي والناجح يحافظ على جوهر أفكاره وأهدافه ولكنه يغير في الشعارات تبعا لتغيير المراحل التاريخية الناتجة عن التغييرات الثقافية والمجتمعية وغيرهما في اوساط الشعب، ليس من الحصافة أن يستمر الحزب بشعار واحد في فترتين انتخابيتين، لذلك مهم ان يكون لدى الحزب شعارا جديدا لكل مرحلة جديدة، الشعار الواقعي، البسيط، القابل للتحقيق، والذي يلبي طموحات الجماهير في تلك المرحلة سيدعم بشدة نجاح الحزب وتغلغله في اوساط الجماهير، بينما الشعار المعقد، غير الواقعي، والصعب تحقيقه قد يكون كارثيا على الحزب وعلى تقبل الجماهير له.

تنمية الكوادر الحزبية عبر التدريب المستمر هي احدي مطلوبات الحداثة في العصر الراهن، التدريب يزود الكادر الحزبي بالمهارات والخبرات التي تجعله صالحا لأداء عمله، قد يستفيد الحزب من الكوادر المدربة في تكوين حكومته في حال فوزه بالانتخابات، او يستخدمها في حال فشله في الفوز بالانتخابات في تكوين حكومة ظل، تكون مهمتها تطوير بدائل حزبية لسياسات الاقتصاد والصحة والأمن والعلاقات الخارجية واستدامة السلام والديمقراطية و…. الخ، ومن ثم اعتماد هذه السياسات كخط عمل تنفيذي للحزب ومشروعه لدعم الإصلاح السياسي في الدولة وفي العمل العام، وهو ما يجعل الحزب قادرا على المشاركة في الحكم عبر تقديم رؤواه المنطلقة من كوادر مدربة، وفي نفس الوقت تجعل الحزب جاهزا بالكوادر والبرامج متى ما حملته الجماهير إلى السلطة.

صحيفة السوداني

Exit mobile version