شاكر رابح يكتب.. مبادرة “الهيبيك”.. الفجر الكاذب

صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أنشآ مبادرة تخفيف الديون على البلدان الفقيرة المثقلة بالديون عام1996 (الهيبيك) والسودان مصنف كواحد من الدولة الفقيرة المثقلة بالديون، بعد مؤتمر باريس طبقت حكومة الفترة الانتقالية عددا من الاشتراطات والإجراءات الاقتصادية تحت مراقبة البنك الدولي ومنها «تعويم الجنيه السوداني وتحرير سعر الصرف وإلغاء الدولار الجمركي ورفع الدعم عن الوقود»، هذه الإجراءات التي تعتبر عملية جراحية عميقة ومعقدة قد تركت آثاراً اقتصادية خطيرة في الوقت الراهن، حيث ارتفعت نسبة التضخم بمستويات غير مسبوقة وبالتالي ارتفاع جنوني للسلع الغذائية والدواء.

المراقب لهذا الشأن يتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن السودان مؤهل للاستفادة القصوى من هذه المبادرة، ولا شك أن الديون تقلل من فرص النهوض بالاقتصاد والحد من الفقر والاندماج الاقتصادي مع البلدان الدائنة والداعمة.

وفقًا لإحصاءات غير رسمية فقد تجاوزت ديون السودان ما يقارب الـ٦٤ مليار دولار ديون خارجية وأخرى لمصارف وبنوك تجارية دولية، ومع ذلك يجب أن لا تعتمد الحكومة على الحل الخارجي للمشكل السوداني، هناك حلول أخرى داخلية يمكن أن تسهم في إيقاف تدهور الاقتصاد وهي محاربة الفساد وتقليل الإنفاق الحكومي وزيادة الإنتاج والمصالحة السياسية الشاملة وتنفيذ اتفاقية السلام نصاً وروحًا، موافقة الحكومة على كافة شروط صندوق النقد الدولي دون إبداء أي ملاحظات أو اعتراضات، مراقبون سموا ذلك «انبطاحاً» وهذا الانبطاح سوف يفتح شهية البنك الدولي لفرض مزيد من الشروط المجحفة التي سوف تشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطن.

وفي الاجتماع المشترك بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أكدا أن (السودان وصل نقطة القرار المطلوبة للاستفادة من مبادرة الهيبيك)، هذا القرار سوف يسمح بإعفاء الديون بمقدار 23.5 مليار دولار.

يظل هناك سؤال مهم: هل هذه الإجراءات كافية لاستقبال القروض والاستثمارات الدولية؟ وهل رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب والتطبيع مع بعض دول المنطقة بما فيها إسرائيل سيسهم ذلك في الاندماج الاقتصادي العالمي؟ أتمني أن تكون الإجابة بنعم وأن لا يكون إعفاء الديون فجرًا كاذبًا كما في تجارب دول أخرى طبعت مع الصندوق والبنك الدوليين ولم تحصد إلا مزيداً من الديون والفقر والتدهور.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

صحيفة الصيحة

Exit mobile version