تتمتع الإبل بقدرة مذهلة على البقاء على قيد الحياة لأسابيع دون الحصول على رشفة ماء حتى. فما السر وراء هذه القدرة على تحمل العطش؟ وفق مجلة “sciencealert”، تمتلك الإبل مجموعة حيل بيولوجية فريدة تستخدمها للحفاظ على حياتها في أوقات الجفاف وندرة المياه، منها فتحات أنوفها الكبيرة والمعقدة القادرة على منع تبخر المياه من أجسادها، بالإضافة إلى دمها المعدل الذي يمكنه تحمل الجفاف. كما تستطيع الإبل ابتلاع مئات اللترات من المياه في غضون دقائق عندما يكون الماء متوفراً، ثم تمتصها ببطء لتجنب الصدمة التناضحية (الناتجة عن زيادة السوائل في الجسم). إضافة إلى ذلك تستطيع التحكم بدرجات حرارة أجسامها وتتقلب بها من 31 إلى 41 درجة مئوية (87 إلى 105 درجات فهرنهايت) لتقليل التعرق. (وبحسب العربية نت)”مكون سري وراء قدرة الإبل على عدم الشرب لأسابيع”، عندما ينخفض مستوى الماء لدى الإنسان، تقوم الكليتان بتغيير تموضع وعمل الأهرامات الكلوية للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الماء. ويتم ترشيح الماء إلى أنابيب في منطقة تسمى القشرة، حيث يتدفق إلى أجزائها الداخلية. وتُضخ أيونات من الملح المذاب عبر الأغشية لإحداث خلل يجبر جزءاً من الماء على العودة إلى الدم، أما الباقي فيحمل الفضلات بعيداً عن طريق البول. تركيز بولها غير أن الإبل تستطيع الحفاظ على المياه في دمائها لدرجة كبيرة جداً، حيث لديها القدرة على تركيز بولها بنسبة عالية، لا نستطيع نحن كبشر الوصول إليها. وقام فريق من الباحثين من جامعة “بريستول” بتنفيذ دراسة ضخمة لفحص الجينات في خلايا كلى الإبل العربية (Camelus dromedarius)، وقارن الفريق بين الإبل المصابة بالجفاف والإبل التي شربت مؤخراً الماء. تثبيط مادة الكوليسترول الدهنية من جهته قال عالم فيزيولوجيا الحيوانات في جامعة بريستول، فرناندو ألفيرا إيرايزوز: “حددنا مئات الجينات والبروتينات التي تغيرت بشكل كبير في كل من قشرة الكلى وداخلها في الحيوانات المصابة بالجفاف مقارنة مع أقرانها غير المصابة”. وتشارك العديد من الجينات التي غيرت من طبيعتها في الإبل المصابة بالجفاف في تثبيط مادة الكوليسترول الدهنية في خلايا الكلى، وفق المقال. إلى ذلك قام ألفيرا إيرايزوز وزملاؤه بقياس كمية الكوليسترول في أغشية بلازما الكلى لدى الإبل المصابة بالجفاف وقارنوها بالعينات الصحيحة (المضبوطة)، فوجدوا أن الإبل المصابة بالجفاف تحتوي بالفعل على نسبة أقل من الكوليسترول في أغشية الخلايا الكلوية هذه مقارنة بالأغشية الرطبة. ونوه البحث إلى أن هذا التعديل على ترميز الجينات ساهم بنقل أيونات الماء عبر أغشية خلايا الكلى بشكل أكبر لدى الإبل المصابة بالجفاف. “قمع الكوليسترول” وتدعم هذه النتائج مجتمعة حدس الفريق الذي تنبأ بأن “قمع الكوليسترول الناجم عن الجفاف يسمح للجمال بالتشبث بمزيد من الماء في الكلى”، بحسب الدراسة. من جانبه أوضح عالم الغدد الصماء من جامعة بريستول، بنيامين جيلارد، أن “انخفاض كمية الكوليسترول في غشاء خلايا الكلى من شأنه أن يسهل حركة المواد المذابة والماء عبر أقسام مختلفة من الكلى، وهي عملية مطلوبة لإعادة امتصاص الماء بكفاءة وإنتاج بول عالي التركيز، وبالتالي تجنب فقد الماء”. يشار إلى أن الباحثين يعملون الآن على تحليل مماثل لدماغ الجمل، ويخططون للنظر في الاستجابة الجينية لحالة الجفاف الشديد في الثدييات التي تعيش في المناطق القاحلة الأخرى، مثل القوارض التي يطلق عليها اسم “الجربوع”.
الخرطوم (كوش نيوز)