فَشَل ٣٠ يونيو..!
-١-
في نوفمبر الماضي، حينما خرج السيد علي كرتي بخطاب سياسي، يدعو فيه للتظاهُر ضد حكومة حمدوك، كتبنا في هذه المساحة:
لن تكون هُنالك استجابةٌ لدعوة كرتي بالخروج للتظاهُر.
بل العكس، كلّما برزت الحركة الإسلامية كبديل لنشطاء “قحت”، كان ذلك لمصلحتهم واستمرار بقائهم في السُّلطة لمدةٍ أطول.
فعلى قَدر استياء وغضب الشارع من أداء حكومة “قحت”، فهو لا يزال مُحتقناً تجاه تجربة الإسلاميين.
-٢-
سنعيدها مرةً أخرى:
على الحركة الإسلامية إدراك أنّ أزمتها الحقيقيّة ليست مع القِوى السِّياسيَّة التي آلت إليها مقاليد الأمر، ولا مع المنظومة الأمنية والعسكرية.
الأزمة الأولى والأكبر، مع قطاعات واسعة في المُجتمع، خاصّةً في المُدن والطبقة الوسطى وشرائح الشباب المُتضرِّرة من السِّياسات الإنقاذية، وصَاحبة القَدَح المُعلّى في الثورة.
نَعم، الحقيقة التي يصعب تجاوزها أو تغافلها، أنّ الموقف من المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، لم يعد موقفاً سياسياً يحتاج إلى خطابٍ سياسيٍّ تبريريٍّ مدعومٍ باعترافاتٍ مُقتضبةٍ وخجولة.
بل موقف نفسي بالغ التعقيد، وحالة مجتمعية جروحها عميقة، من المُستحيل إبراؤها عبر حُلُولٍ سطحيةٍ وإسعافات أوّليّة!!
-٣-
لن يغيب عن مُراقب ومُتابع ومُتفاعل، فشل مشروع الدعوة للتظاهر والاحتجاج، انطلاقاً من ذكرى ٣٠ يونيو.
إعدادٌ ضعيفٌ وترتيبٌ هزيلٌ، يُليق بمُبتدئين في عالم السياسة، لا حركة سياسية لها تاريخ قديم في العمل المعارض، وتجربة حكم امتدّت لثلاثين عاماً.
-٤-
مَا حَدَثَ كان مُغامرة سياسية غير مأمونة العواقب، منحت نصراً – غير مُستحقٍ – للتيار المُتطرِّف داخل الحكومة الانتقالية.
وجعل من لجنة التمكين حاضنة سياسية بديلة، وحاضنة أمنية قادمة، لحكومة حمدوك ذات الأداء التنفيذي البائس..!
لذا، كانت زيارة حمدوك لمقر لجنة التمكين بمثابة تدشين لعلاقة جديدة، مُضافاً إليها تسجيل صوت الشكر والامتنان وربما الخُضُوع التّام في قادم المسير..!
-٥-
المصدر الأساسي لفشل تظاهرات ٣٠ يونيو، جُنُوح المُخطّط السِّياسي، لإعادة إنتاج تجربة احتجاجات سبتمبر، بصورة تقليدية رتيبة وساذجة وكسولة.
ذلك من حيث الشعارات والاحتفاظ بجسم خفي يُحدِّد مواقيت التظاهر والمسارات، حتى البيانات الصّادرة، جاءت على نسق وأسلوب بيانات تجمُّع المهنيين، لغة شاعرية مجنحة.
أما مهزلة ساندوتشات الطحنية المُعدّة للمتظاهرين، فهي مُستلفة، بكسلٍ وغَبَاءٍ من أدبيات الحُشُود الحكوميّة!
-٦-
المُفارقة الفاجعة في المشهد السِّياسي السُّوداني الراهن:
المُعارضون، لبُعد عهدهم بالعمل المُعارض، وارتباطهم لعقودٍ بالسُّلطة، فهم يُعارضون اليوم بأدوات الحكم وخيالاته..!
والحاكمون اليوم لضعف تجربتهم وقِلّة خبرتهم، يتعاملون مع السُّلطة كأنهم مُعارضون لا حاكمون..!
المُعارضون لم يُوطِّنوا أنفسهم على أدبيات وأدوات العمل المُعارض.
والحاكمون لم يألفوا بعد العمل في دواوين الحكومة، فهم ناشطون أكثر من رجال دولة.
ثنائية التضاد والتباس الهويات السياسية سيُعقِّد أوضاعنا أكثر، وسيرفع من درجات التأزيم.
أتوقّع أن يدفع الشعور بالانتصار، حاضنة حمدوك الجديدة (لجنة إزالة التمكين) لمزيدٍ من البطش والتنكيل بالخُصوم والاستهتار بقيم الحرية والعدالة..!
-٧-
الوضع الآن أخطر من أيِّ وقتٍ مضى:
سُلطة حاكمة تشعر بزهو الانتصار، ويدفع بها تَيارٌ مُتطرِّفٌ نحو الاستبداد والقمع.
مُعارضة تفتقد القيادة القوية المُؤثِّرة، مع وجود قاعدة تُعاني من الإحباط واليأس والشُّعور بالاضطهاد.
– أخيراً –
ومع ازدياد القمع والبطش والاستبداد بالسُّلطة، مع عجز المُعارضين عن خلق عمل سياسي مُؤثِّر، سيصبح احتمال المُواجهات غير السَّلمية وارداً بنسبة كبيرة و(الله يكضِّب الشينة)!
ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني
يالجنة ازالة التمكين : عليكم بهم ماتخلو في البلد دي كوز واحد عندو اضان دوس وطفيق شديد للنهايه ( وان ينصركم الله فلا غالب لكم) صدق الله العظيم .
! صدقت، لازم اي كوز ندوسو دوس، ونسأل الله أن لا تقوم لهم قائمة مرة أخرى، كفاهم ٣٠ سنة عجاف عاثوا فيها فساد، وعاسو فيها خرمجة ولخبطة في السودان لا يعلم بها إلا الله، لذلك من حق الإنتقالية الاعتماد على لجنة إزالة التمكين، لتمكين الحكم الديمقراطي في السودان.
كتب ضياء الدين بلال :
مَا حَدَثَ كان مُغامرة سياسية غير مأمونة العواقب، منحت نصراً – غير مُستحقٍ – للتيار المُتطرِّف داخل الحكومة الانتقالية. وجعل من لجنة التمكين حاضنة سياسية بديلة، وحاضنة أمنية قادمة، لحكومة حمدوك ذات الأداء التنفيذي البائس..! لذا، كانت زيارة حمدوك لمقر لجنة التمكين بمثابة تدشين لعلاقة جديدة .
…….
يعني الصحفي الإنقاذي ضياء الدين بلال الذي أُدخل الى حقل الصحافة على أيدي الكيزان تحت إشرافهم وبرعايتهم .. هو الآن مُحبَط ومستاء جداً من فشل مخطط أحبابه الكيزان للتظاهر والاحتجاج ولا أقول فشل مخطط التخريب وزعزعة الأمن الذي سكت عنه هو وتناول الأمر باعتبار انه مجرد دعوة للتظاهر والاحتجاج . فهو يلومهم على سوء تقديرهم وضعف إعدادهم الأمر الذي أدى الى فشل المخطط ولكنه ليس معترضاً على المخطط من حيث المبدأ .
وما يزيد من إحباطه وغيظه من فشل المخطط الكيزاني هو انه يراه بمثابة نصر لما سماه بالتيار المتطرف في الحكومة الإنتقالية وهو هنا يعني لجنة إزالة التمكين التي يناصبها العداء .
يحدثنا الرجل عن المتطرفين في الحكومة الإنتقالية ويحدثنا عن قمع وبطش واستبداد هذه الحكومة في زمن الديمقراطية والحرية .. وكأنه ما كان موالياُ لنظام متطرف (الانقاذ) وصل الى الحكم بطريقة متطرفة وظل يمارس التطرف طوال سني حكمه وما عرف أهل السودان مثيلاً له في القمع والبطش والاستبداد والفساد .. وما عرف هذا الرجل طريقه الى الصحافة إلى في ظل ذلك النظام (الإنقاذ)