جودة أو رداءة السياسة العامة يقاس بتأثيرها على الظروف المعيشية وليس بتصريحات الحكومة أو المعارضة. إذا تحسنت الظروف المعيشية ،تكون السياسة جيدة ، أما إذا استمرت الأسعار في الارتفاع وأصبح الشعب أكثر فقرًا وشحت الأساسيات مثل الكهرباء والماء تكون سياسة فظيعة.
علي الانسان الراشد أن يتحلّى بالشجاعة للنظر إلى الحقيقة في وجهها الكالح كما هي وليس كما يتمناها.
هناك خلل فكري ونفسي عميق في أي شخص لا تحبطه الحقيقة المعاشة من تضخم الأسعار الباهظة ونقص الأدوية والغذاء والكهرباء لكن يحبطه معارضة الشعب لهذه السياسات بالمسيرات والكتابة وكل أدوات العمل السلمي.
لقد أثبتت شرائح واسعة من الطبقة السياسية السودانية أنها تعاني من نفاق كلاسيكي مفرط اذ رفض أعضاؤها سياسات اقتصادية معينة عندما دعا إليها النظام السابق لكنهم الآن يؤيدون جرعة أعلى بكثير من نفس السياسات التي رفضوها من قبل فقط لانها الان يطبقها فريقهم السياسي المفضل. هذا الكائن لا يحكم علي السياسة بوقعها علي معاش الشعب ولكن يقيمها بناء علي حرارة وده لمن يجلس علي كرسي الحكم.
والأسوأ من ذلك أن ضمير المنافقين الكلاسيكيين لا ينزعج من حقيقة دعوتهم للشعب في السابق لمقاومة نفس هذه السياسات أيام النظام السابق، واستجاب الشباب للدعوة وتظاهروا حيث استشهد المئات منهم وفقدوا أرواحهم.
لا يغض منام المنافق الكلاسيكي أنه الآن يدعم السياسات التي أدى رفضه لها سابقا, وتأليبه عليها, إلى وفاة مئات من الشباب.
صحيح ان الوضع السياسي معقد, لذلك من المفهوم ان يدعو ألبعض للضغط علي الحكومة ففقط لتصحيح الأداء ومفهوم ان يدعو البعض لإسقاطها.وأيضا مفهوم ان يري اخرون ضرورة الحفاظ علي الحكومة.
ولكن ليس من المفهوم ان يزايد هذا المعسكر المنافح عن الحكومة ويشكك في وطنية وجدارة وحكمة معسكر مسيرات 30 يونيو لان هذا المعسكر يخرج لمعارضة نفس السياسات التي عارضها التحالف الحاكم وانصاره أمس, واخرجوا الشباب لمناهضتها حتى استشهد من استشهد وتشوه من تشوه, وتسلقوا نضالهم الجماهيري ضدها للوصول للحكم.
معتصم أقرع