* مرة أخرى عادت محاكم التفتيش ومحاكمة الناس بالنوايا الى العالم بعد انقراضها بخمسة قرون، والتي كانت تعاقب الناس بأفكارهم وما تحمله نفوسهم، وتقتلهم حرقا او تلقيهم من ابراج الكنائس وهم احياء !
* يعود الفضل إلى حركة “تجمع قوى تحرير السودان” التي يقودها عضو مجلس السيادة (الطاهر ابوبكر حجر)، فيا لسعادتنا بهذا الانجاز الكبير ومساهمتنا في تطوير العالم بالعودة الميمونة لمحاكم النوايا والتفتيش والقضاء على البدع والهرطقة وحرية وكرامة الانسان !
* اطلعت على واقعة اختطاف واحتجاز وتعذيب الزميل الصحفي (عبد المنعم مادبو) بواسطة قوات الحركة عند ذهابه الى مقر بعثة اليوناميد السابق بمدينة (نيالا) لالتقاط بعض الصور واستكمال التحقيق الصحفي الذى يجريه عن المقر بعد خروج قوات اليوناميد منه، والتقى بمجموعة من قوات الحركة أطلعهم على شخصيته وهويته والغرض من حضوره، ولكنهم صادروا ما يحمله وقيدوه وحبسوه داخل قفص يوجد به احد الاشخاص مقيدا بالسلاسل، ولكنهم سمحوا له عند حضور احد الضباط بالاتصال بأحد زملائه، فابلغه بأنه معتقل في مقر اليوناميد !
* يقول (مادبو) انهم تركوهم تحت الشمس، قبل ان يتم تحويلهم مقيدين بالسلاسل الى مكان ظليل، وأمروهم بالجلوس فوق الحصى، وفى اثناء ذلك مر بالمنطقة أحد الرعاة يمتطى جملا، فأوقفه الجنود وفتشوه وسألوه عن سبب عبوره بالمنطقة، وعندما أجابهم بأنهم يبحث عن بهائمه انهالوا عليه ضربا بالسياط بدون أدنى سبب!
* بعد صلاة العصر اقتاده ضابط يدعى (ابو دقن) الى خور يبعد عن المقر، وانهال عليه ضربا بسوط (عنج)، واصابه بجروح في ظهره ويده اليمنى التى كان يحاول بها حماية نفسه من الضرب، ثم نقلوه عند حلول المغرب الى احد الثكنات قبل أن يطلقوا سراحه ليلا نتيجة الاتصالات التي اجراها زميله بقيادة الحركة !
* وفى مكالمة هاتفية وبينه وبين قائد الحركة وعضو مجلس السيادة (الطاهر حجر) أبدى الاخير احتجاجه على ما تم نشره من معلومات عن الواقعة، بالإضافة الى اتهامه لـ (مادبو) “بأنه كان يسعى من ذهابه الى المقر تشويه صورة الحركة ” !
* تخيلوا .. قائد الحركة وعضو مجلس السيادة يتهم (مادبو) بأنه اراد من ذهابه الى المقر تشويه صورة الحركة” .. وهو نفس ما كانت تفعله محاكم التفتيش الكنسية في القرون الوسطى بأوروبا بمحاكمة الناس بالنوايا، ومعاقبتهم على افكارهم ونواياهم بالحرق والاعدام .. وكان من الممكن جدا أن يفقد الزميل الذى تعرض للتعذيب الوحشي حياته لولا عناية الله !
* يقول (مادبو) انه رد على الطاهر حجر بقوله :” حتى لو افترضنا صحة ما تقوله الحركة بأنني ذهبت الى هناك بغرض تشويه صورة الحركة، فلقد كان عليك توجيه قواتك بنقلي الى النيابة العامة وفتح بلاغ في مواجهتي واثبات ادعاءكم امام القضاء، بدلاً عن أخذ الحق باليد”، ويضيف: ” قلت له هذا التصرف لا يليق بك كقيادي تشغل منصب عضو مجلس السيادة الانتقالي”!
* وبدلا من اعتراف واعتذار الحركة عن ما بدر منها ومعاقبة افرادها المتورطين في الواقعة الوحشية، أصدر مكتب الاعلام التابع لها في جنوب دارفور بيانا نفى فيه تعرض (مادبو) لأى تعذيب، وقال ان ما حدث كان “مجرد تحقيق كإجراء أمنى لأنه كان يريد تشويه سمعة الحركة” .. على الاقل اتركوه يكشف عن نواياه السيئة ثم افعلوا ما تريدون!
* مرحبا بمحاكم التفتيش في السودان ومحاكمة الناس وتعذيبهم واعدامهم على افكارهم ونواياهم وما تحمله نفوسهم!
زهير السراج
صحيفة الجريدة