لقد وجدوها يا جبريل..!!
لم يجد الدكتور جبريل إبراهيم ما يوقف به النزف، وما يدعم به خزينته الخاوية سوى رفع الدعم الكامل عن المحروقات لينساب المال (قسراً) من جيب المواطن إلى الخزينة، خطوة صعبة في زمانٍ صعب خطاها إبراهيم باعتبارها إحدى حلول الاصلاح الاقتصادي، ورفع الدعم عن كُل مدعوم شرط من اشتراطات الصندوق كما هو معلوم، ومفتاح من مفاتيح أبواب صندوق النقد الدولي المُغلقة من زمانٍ بعيد في وجه السودان، وقد نبهونا من قبل بأن نسعى قبل طلب الدعم من الصندوق في إيقاف التسريب والمعني به رفع الدعم، ولكن هل في مثل هذا الزمان الصعب يُرفع الدعم يا جبريل أم انطبق عليكم المثل اليدو في الموية ما زي اليدو في النار.
من منّا لا يتمنى اصلاح اقتصادنا المُنهار ولكن ماذا فعلتُم للمواطن الفقير وصاحب الدخل المحدود وغالب أهل السودان قد دخلوا في مربع الفقر، فحدثنا بلا تسويف عن أي شئ فعلتُموه لوقايتهم من ضربات فأس تبعات رفع الدعم الموجعة عنهم، لقد رفعتُم بلا مُبالاة الدعم عن مواطن يعيش في حالة من الضنك، احتوشته الأزمات واستعصى عليه الحُصول على أدنى حاجياته الحياتية الأساسية بسبب (العدم) أو شُح المطلوب في حال توفُّر المُقابل المالي، غداً سترون نتائج ما أقدمتُم عليه، وبيننا من يتربّص بنا وبثورتنا، وقد أوجدتُم له بقراركم هذا ما يبحث عنه وما يستطيع أن ينشُر به الفوضى والرُعب بين الناس.
عادت المتاريس بشكلٍ مُختلف لم نعتاده من قبل، غاب عنها أؤلئك الفتية الذين اتخذوا من السلام والسلمية رابط يجمعهم باحترام مع من يستخدمون الطُرقات، وحلّ مكانهم آخرون استخدموا العُنف بكافة أشكاله والويل كُل الويل لمن يعترِض، لقد تعرّض البعض للنهب والضرب وتهشيم زجاج سياراتهم وهذا ما لم يحدُث من قبل أيام الثورة، عندما تعرض الشباب للبطش والرصاص الحي فلم يُقابلوا تلك الأفعال بالعنف، فاعلم يا جبريل أنّ البعض ينتظر هذه السانحة لتعطيل قطار الثورة وقد وجدوا ضالتهم في قرارك هذا.
لقد دفعت الضائقة المعيشية المواطن لاحتمال الأذى والخروج لثورةٍ دفعوا لنجاحها الغالي والنفيس، للخروج بها من عُنق زجاجة الأزمات إلى فضاءات الحُرية وبراحات الرفاه الذي تعشّموا في بلوغه، للأسف لقد سارعتُم باعادتهِم مرة أخرى في فتيل الأزمات وأحكمتُم اغلاقه هذه المرة، ما من حديث للمواطن اليوم سوى زيادة أسعار المحروقات والتي لن يتأثر بها صاحب (البرادو) ورفاقه من أصحاب الفارهات كما ذكرت بل يتأثر بها المواطن الذي جاء بكم لتخفيف ثقل المعاناة عن كاهله لا لزيادتها.
مثل هذه الجراحات الكبيرة تحتاج عند أهل الطب لمتابعة حالة المريض بدقة لا سيّما أصحاب الأمراض المزمنة حتى لا تُصبح العملية كارثية، وأهل السودان الله وحده أعلم بما يُعانونه اليوم وستكون عمليتكم هذه وبالاً عليهم.
كان الله في عونهم
حيدر المكاشفي
صحيفة الجريدة