محجوب مدني محجوب يكتب: مطالب الحلو التعجيزية.. قراءة بين السطور

المطالب التي عرضها عبد العزيز الحلو رئيس (الحركة الشعبية قطاع الشمال) عبر المفاوضات التي تجريها معه الحكومة هذه الأيام في جوبا أشبه ما تكون بصاحب العقار الذي يريد أن يخلي له المستأجر البيت، فبدلا من أن يقول للمستأجر أنني لا أريد تمديد الإجار واخرج من البيت.
لا يقول له ذلك مباشرة، وإنما يرفع له الإجار بسقف تعجيزي، فيضع أمام الإجار القديم صفرين أو ثلاثة، ويقول له هذا هو مبلغ الإيجار الجديد فيضطر المستأجر أن يترك الإجار ويخلي الييت.
طبعا حالة صاحب العقار تسير على المستأجر إذا لم يكن هناك قانونا وقضاء يحكم وينظم الإجار.
حالة صاحب البيت والمستأجر هذه هي نفسها حالة مفاوضات الحكومة مع الحلو، فالأخير لم يضع شروطا تعجيزية فقط لوفد الحكومة المفاوض بل وضع شروطا مستحيلة.
لماذا لا تختصر الطريق يا الحلو وتقول للوفد منذ البداية أنني أريد انفصالا؟
هل يتوقع شخص أن يقبل أهل السودان بالشروط التي قدمتها في مقابل القبول بالسلام؟
فإن قبلنا يا سيادة الحلو بشروطك هذه التي قدمتها والتي في مجملها تعني التخلي عن ديننا الحنيف؟
ماذا نفعل بالسلام الذي نبرمه معك؟
ماذا نفعل بسلام يفقدنا ديننا؟
لكن كلا.
ليس الأمر كذلك.
انت تعلم أننا استحالة أن نتخلى عن ديننا، وما قدمت هذه الشروط إلا لتحصل على غايتك التي جعلتك تتمرد منذ البداية، وهي فصل منطقة (جبال النوبة) عن السودان؛ لتنفرد بها وتكون ملكا لك ولمن صنعوك.
ما علاقة رفض شعائر الدين بإقامة حياة كريمة للمواطنين؟
والمضحك أن من ضمن الشروط التي قدمها الحلو لقبوله للسلام هو إلغاء قانون الزكاة.
الزكاة أكثر شعائر الإسلام سندا ووقوفا مع الضعيف بل ما فرضت إلا دعما له.
هذا الفقير والضعيف والمسكين الذي يدعي الحلو أنه جاء لنصرته ولاسترداد حقوقه.
نقول لك يا الحلو كما قال المستأجر لصاحب البيت.
بدلا من أن تطرح علينا شروطا مستحيلة تعلم أنت قبل غيرك علم اليقين أننا لن نحققها.
قل لنا منذ البداية اتركوا هذا الجزء من الوطن لي.
وطبعا لا يمكن أن تتجرأ وتطلب الانفصال مباشرة وإلا ما الفائدة من التفاوض مع الحكومة أصلا إذا قدمت طلب الانفصال؟
لذلك أتيت بهذه المطالب التعجيزية ووضعتها أمام وفد الحكومة.
مطالب ليس لها أي علاقة بالأهداف التي جعلتك تحمل السلاح.
بل مطالب تمثل نقيضا لأهداف التمرد التي رفعتها.
هذه هي الحقيقة يا الحلو قل لفريق الحكومة المفاوض أريد انفصالا من البداية، ولا تضيع الزمن في وضع شروط للسلام أنت أول المقتنعين بأنها لن تتحقق.
فإن لم يكن ثمة نظام وقانون، وقبل ذلك سيادة دولة تردعك وتوقفك عند حدك، حينها سوف تصل إلى غرضك.
وإن كان وفد الحكومة هو فعلا وفد حكومة، فلن يستجيب لشروطك هذه، ولن يجعلك تحقق غرضك الماكر بفصل جزء من أجزاء الوطن من أجلك أنت ومن أجل من يدعموك.
ستظل سيادة الدولة أمرا حتميا وضروريا في كل منعطفات الدولة، فليس كل أبناء الوطن يدافعون عنه، وليس كل أبناء الوطن بارين بوطنهم.
فلن يحسم الهجوم على الوطن ومعتقداته، ولن يوقف العاقين به سوى دولة قوية لا تتساهل مع كل من يمس الوطن وعقيدته.
وإن تمت استباحة أرض الوطن أو النيل من معتقداته، فهذا ليس بسبب من خرج عليها وتمرد، وإنما بسبب ضعف الدولة وبسبب عجز أبنائها عن حمايتها والحفاظ على معتقداتها.

حيفة الانتباهة

Exit mobile version