“حميدتي” .. من أذنب في حقه؟

“نحن ذنبنا شنو، نحن عملنا شنو”، “ذنبنا وقفنا مع الجماهير، دا ذنبنا” “ذنبنا عشان وقفنا مع الحرب” عبارات رددها النائب الاول لرئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان “حميدتي”، بحسب مقطع فيديو نشره على صفحته الرسمية في فيسبوك، حديثه خلال مراسم تأبين أحد قيادات حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي.. تحدث بحدة واسلوب ساخن وكشف عن حملات منظمة ضده من جهات -لم يسمها- منتقدًا جهات تعمل على شيطنته والتقليل من شأنه لدرجة الطعن في سودانيته ورتبته العسكرية.. المقطع تدوالته مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أكبر وحمل رسائل عديدة.

لماذا تحدث بتلك اللهجة؟
الرجل تحدث بصوت مرتفع وهو ممسك بعدد من المايكرفونات وأشار إلى “أنهم” اختصروا دوره في أن يكون مقاتلاً في الخلاء لمحاربة الحلو ومناوي وجبريل، لكنه لن يتعرض للخديعة مستقبلا.
الخبير العسكري اللواء أمين مجذوب يقول لـ(السوداني)، أن من الواضح شهر العسل قد انتهى بين مكونات الحكومة الانتقالية والتنافرات بدأت تظهر على السطح، من بينها الشراكة بين المدنيين والعسكريين، لذلك أصبح المكون المدني يوجه سهام النقد للمكون العسكري في عدم تسليم رئاسة السيادة في الوقت المحددة لها، كما أن تمديد الفترة الانتقالية عبر لجان التفاوض التي يقودها العسكريون، مشيرًا الى أن ثاني المؤثرات تطبيق اتفاق السلام بجوبا خاصة برتوكول الترتيبات الامنية الذي ينص على انشاء جيش واحد وادماج كل التنظيمات العسكرية وحركات الكفاح المسلح داخل القوات المسلحة، موضحًا أن المؤثر الثالث رغبة بعض العسكريين في التحول للعمل السياسي ومنافسة المدنيين.

اما الكاتب الصحفي الهندي عزالدين فيذهب في حديثه لـ(السوداني)، إلى أن “حميدتي” يعيش أزمة كبيرة هذه الأيام، وذلك بسبب تخبط رؤيته في السياسة الداخلية والخارجية، وتابع: “فهو مرة يريد أن يكسب ود الإسلاميين ومرات يريد أن يكسب عطف الشارع والثوار على وجه التحديد، ولهذا استقطب مستشارين ومساندين إعلاميين من شرائح ظن أنها مؤثرة ومفيدة”.

واشار الهندي إلى أن “حميدتي” في السياسة الخارجية، قفز من مركب الإمارات إلى مركب تركيا وقطر، بدون ترتيب وضمانات. العلاقات تحسنت بين تركيا والسعودية ومصر، ولكن ما تزال التقاطعات مستمرة بين الإمارات من جهة وتركيا وقطر من جهة.

فيما يرى المحلل السياسي محمد عبدالله ود ابوك في حديثه لـ(السوداني)، أن الخطاب لا يخرج عن الجو العام، الذي يعيشه السودان حالياً، فهو يشبه الاجواء المشحونة، بالشائعات والشكوك، ورفض الآخر، مشيرًا إلى أن العناصر البارزة الآن هو أن بعض القوى السياسية اقصت الافكار والخطاب العقلاني، لذلك الآن تحدث النائب الاول في هذا السياق وبتلك اللهجة الساخنة.

من يستهدف “حميدتي”؟
“هؤلاء يرون المناصب القيادية حصرا على جهات معينة وأشخاص بعينهم. عن بكرة أبيهم كانوا مجتمعين لفض الاعتصام أنا كنت السبب ودعمت الشعب والآن أصبحت عدو للشعب”، بالنص قال ذلك فمن يستهدفه بحسب كلامه ويعمل على شيطنته؟
الهندي عزالدين يقول إن حديث “حميدتي” الأخير موجه من ناحية لشركائه العسكريين، ومن ناحية للشارع وأسر شهداء فض الاعتصام، موضحًا أن ما تسرب من مقاطع فيديو لزيارة أحد كبار قادة الدعم السريع بعد فترة قصيرة من فض الاعتصام أربك حسابات حميدتي وأثار قلقه.

اما الخبير العسكري اللواء أمين مجذوب فيرى أن تشكيل قوات الدعم السريع كان على اسس استثنائية، وعندما تم تطبيق الاسس السليمة عليه الآن، أوجد فارقا كبيرا، لذلك جاءت اللهجة الساخنة والحادة، مشيرًا إلى أن ابرز تلك الاسباب منح الرتب العسكرية، وتجاوز الشروط الخاصة للالتحاق بالقوات المسلحة، لذلك عندما ينتقد المحاور الشروط والتأسيس، يجد عدم الرضا ولا يقبل النقد أو اللوم بالتالي الدفاع يأتي بهذه الطريقة الخشنة.

المحلل السياسي محمد عبدالله ود ابوك يوضح أن هناك جهات درجت على محاولة النيل من قوات الدعم السريع وقيادته واصبح منهجها وشغلها الشاغل ذلك، مؤكدًا أن “حميدتي” يعرفها، جزء منها موجود في مجلس الوزراء ومجلس السيادة وكذلك داخل قوى الحرية والتغيير، كما أن بعض الاحزاب الحاكمة التي اصبحت غير متفقة واجندتها متابينة، منوهًا الى أن المشهد أن الحرب اصبحت مكشوفة وواضحة.

في بريد “الجيش”
الخبير العسكري أمين مجذوب، يشير إلى انه بحسب معلوماته لا يوجد اي احتكاكات او خلاف ظاهر للعلن انما يتعلق بالتريبات الامنية، وان هناك خلافا فهو شخصي وليس في مسار العلاقة، موضحًا انه لا يعتقد أن الحديث في بريد الجيش فالحديث عام غير مرتب له وغير مكتوب لذلك جاء فضفاضا يحمل كثيرا من الهواء الساخن.

بالمقابل اختلف معه الكاتب الصحفي الهندي عزالدين الذي يرى أن رسائله كانت موجهة للجيش، ولم تمح آثارها بيان العميد ابوهاجة والعميد جمعة الناطقين باسم الجيش والدعم السريع بل على العكس سذاجة البيانين أكدت أن هناك توترا.
المحلل السياسي محمد عبد الله ود ابوك يوضح أن الحديث لا علاقة له بالقوات المسلحة، لان قواته تعمل مع الجيش وكلها قوات منظمة ومؤسسات عسكرية، وهناك عمل مشترك بينهم وهناك تنسيق له كما أن هناك لقاءات متواصلة بين القوات.

احتمالات المواجهة
“حميدتي” في خطابه كشف عن تململ وسط الأجهزة الأمنية والعسكرية من تأدية واجباتهم خوفاً من استهدافهم في إشارة لتوقيف عسكريين على خلفية اتهامهم بقتل متظاهرين يوم 29 رمضان الماضي.. هل حديث الرجل سيقود في المستقبل الى مواجهات بين قواتة والقوات المسلحة؟
اللواء أمين مجذوب الخبير العسكري يقول إنه لا يوجد ادنى احتمال لحدوث مواجهة لسبب أن الدعم السريع خرج من رحم القوات المسلحة، موضحًا أن هنالك علاقات العمل والسهر والجهد المشترك في السنوات السابقة المتوقع معالجة امر ادماج الدعم السريع او أن تتحول قيادته الى قيادات سياسية او عسكري.
اما الكاتب الصحفي الهندي عزالدين فيرى أنه رغم اندفاع حميدتي الواضح في كثير من المواقف، لكن اعتقد أنه رجل (براغماتي) ويبحث عن مصالحه ووجوده، أي مواجهة مع القوات المسلحة تعني نهاية أسطورة الدعم السريع، كما أن الرجل محاط بحكماء وشيوخ من قبيلته لن يهدونه إلى المواجهة، بل إلى تسوية وهبوط ناعم.

المحلل السياسي محمد عبد الله ود ابوك يمضى إلى انه لا يتوقع أن تحدث اي مواجهات لان هناك توازنا في الساحة العسكري كما انه ليس من مصلحة الجيش أن يدخل في مواجهات مع قوات المسلحة، وليس من مصلحة الدعم السريع ايضا أن يدخل في مواجهات مع الجيش، مشيرًا الى جيوش اخرى تتبع للكفاح المسلح خارج تلك الجيوش، منوهًا إلى انه لا تستطيع اي قوة عسكرية أن تقوم بانقلاب بمفردها او أن تعتدي على جهة عسكرية اخرى.

الخرطوم: مشاعر أحمد
صحيفة السوداني

Exit mobile version