محمد عبد القادر
أخطرهم على الثورة أولئك الذين لم يكملوا غسل أياديهم من موائد الإنقاذ (فتلبوا) سريعاً في (ميدان الاعتصام) وتسللوا إلى (زحام المواكب)، أملاً في حجز تذكرة تمكنهم من ركوب قطار التغيير.
ما أن رجحت كفة الحراك إلى نقيض ولائهم القديم حتى تخلصوا من (عدة الشغل) في مزاد جرد المصالح وتدشين المواقف الجديدة، متناسين (قصة الريدة القديمة)، قذفوا بـ(الشنطة تمكنا) وخلعوا (البدلة الاشتراكية) واعتمروا عصابة (الثورة الحمراء) وأزالوا لحية من ماركة (دعوني أعيش)، وربما لجأ بعضهم إلى وصفات (فسخ وجلخ) لإنهاء وجود (علامة صلاة تجارية) نسخها في قلب جبهته للتشبه بهيئة (الكوز المخلص) والكادر المتفاني.
هؤلاء يحاولون إخفاء ولائهم لأزمنة العز الإنقاذي بتبني خطاب الإقصاء والتشدد في جلد نظام كانوا يناصرونه سراً وعلانيةً، يتماهون مع شعاراته، يخدمون تحت قوانينه ويتفانون في ترديد هتافات (التكبير والتهليل) إن لزم الأمر.
أراهم يتكاثرون هذه الأيام، كما الذباب على أقداح الحلوى، النضال عندهم مناسبة (للشو) وربما سانحة لالتقاط (سيلفي) والمتاريس خلفي، يحتكرون صكوك الوطنية ويوزعونها وفق ما يريدون، يصرون على خطاب التطرف والتحريض بهدف التشويش على أصداء سيرتهم الأولى ومسيرتهم المعلومة في خدمة جناب السلطان السابق، يدقون ناقوس الحرب، يثيرون الغبار، يربكون المشهد، يكثرون من الشتائم والبذاءات، يضاعفون الغبائن ويؤججون سخائم النفوس.
ألاحظ أن أهل(الجلد والراس) من الناشطين والثوار الحقيقيين، يتحدثون بوعي واحترام ويستخدمون قاموساً معقماً ومتزناً في مخاطبة الآخر… أما (الثوار الجدد) من أدعياء النضال وأصحاب (غسيل الأحوال)، فلن نمل من التذكير بأنهم الأخطر على مستقبل التغيير وتماسك نسيجنا الوطني، وربما نعود لأمرهم بالتفصيل..
يعاد النشر
محمد عبد القادر
صحيفة اليوم التالي