يقول شكسبير: ( إن الجبان يموت آلاف المرات ، ولكن الشجاع لا يذوق الموت الا مرة واحدة ) وكذلك الشجاع المطالب بحقوقه في ميادين الحرية والسلام والعدالة يقتل الأعداء الف مرة ، يموتون مرة على رصاص صوته وهتافه ومرة على سماع شعاراته التي تقالد عنان السماء، ومرة ببياناته العنيدة المتمسكة بالقصاص ، يموتون عند كل ذكرى للثورة ، يحاصرهم التاريخ ، ويعيد اليهم المشاهد المرعبة التي تذكرهم بجرمهم الذي ارتكبوه ، يموتون عندما يذكر الشهيد الذي بذكره يذكر القصاص، وتلحق اللعنات الجناة والقتلة ، لذلك هي ذكرى ليوم أسود عليهم قبل أن تسكن الوجعة والفجيعة قلوب أمهات الشهداء ، فبالنهاية يرفع المرء وتعلى مكانته وبالعدوان والخيانة يذل ويحط قدره ( إن الله لا يحب المعتدين).
واليوم والشباب يخرجون الى الشوارع في مواكب تعددت مطالبها وتباينت فمنهم من يطالب بالإصلاح والإسراع بتحقيق العدالة ومحاكمة المتهمين والقصاص لشهداء سبتمبر عليهم الرحمة في ذكراهم، والإصلاح الفوري للاقتصاد، ومنهم من يطالب باسقاط الحكومة و( قنع من خيراً فيها) أيا كانت المطالب فهي حق مشروع وحرية التعبير واحدة من أهداف ثورة ديسمبر المجيدة والكلمة للشارع من قبل ومن بعد هو الذي يحدد مصيره ويكتب مستقبله على صفحات بيضاء ناصعة خالية من الشوائب والعيوب فللشعب مايريد.
ولكن المهم الذي يستحق لفت الإنتباه انه ولابد من أخذ الشباب الحيطة والحذر من اعداء وشركاء الطريق ، (العدو الجبان المتخفي)، المتدثر بثوب الخيانة ، الذي ملأ بطنه من مال حرام (القاتل المأجور ) الذي خطط من قبل ايام ودبر ، وربما يكون ( قبض العربون ) ليشارك في هذا اليوم ثائراً وقاتلاً، والذي حجز مكانه وسط الثوار، ويستغل الظروف الأمنية الهشة ، وتعدد الجهات التي يلغى عليها اللوم والاتهام ، فالسؤال الراتب الذي يقول من الذي قتل ؟؟ هو من فتح شهية المجرمين ليتلصصوا على أرواح الأبرياء ويصطادوهم بدم (مثلج)، فالقتل في بلدي أصبح شيئاً مباحاً لطالما إن من بين ابناء وطني أيادٍ آثمة مجرمة استباحت زهق الأرواح في الطرقات.
لهذا فإن لم تتعظ الحكومة مماحدث في رمضان وتضع خطة محكمة لتأمين المواكب ،بالتالي هي مسئولة مسئولية مباشرة عن كل مايحدث من اعتداءات ، على الثوار، لا قدر الله ، وتتحمل تبعات هذا اليوم من كل صغيرة وكبيرة ، فوالي الخرطوم ولجنته الأمنية ووزارة الداخلية والشرطة والقوات المسلحة ، عليها القيام بتأمين مسارات الحراك الثوري وحماية الثوار الى ان تبلغ هذه المواكب غاياتها وتودع مطالبها كلها دون نقصان ، فليس أمام الحكومة خيار واحد الا ان تنفذ اثنين ، التأمين التام للمواكب والاستجابة الفورية لكل مطالب الثوار ، فالأوضاع الاقتصادية ، وتباطؤ خطوات تنفيذ العدالة وعدم مبالاة الحكومة لما يدور حولها ، وسكونها السلبي المميت ، يدفع الآلاف اليوم للخروج في ثورة قال شبابها من قبل ( سقطت ماسقطت صابنها حتى لو سقطت صابنها ) وكأنهم تنبأوا بأن معاناتهم ستستمر الى مابعد السقوط .
طيف أخير:
ياشعباً لهبت ثوريتك .. تلقى مرادك والفي نيتك
صباح محمد الحسن
صحيفة الجريدة