(1 )
كلنا موقنون ان أزمة الكهرباء الحادة التي نعيشها الآن لها أسباب سياسية وادارية، فالسياسية أوضحها هو التعامل الخطأ مع شركة سمينز الالمانية التي كان ينبغي ان تسلم البلاد محطة قري 3 ومحطة بورتسودان في ابريل 2019 لتضيف 2000 (الفان ميغاوات) فد دقة للشبكة العامة، فرفض الوزير (الهمام) يومها تكملة الإجراءات معها بحجة ان الوكيل كان التركي اوكتاي على تماس مع فساد انقاذيين بينما كان في مقدور الوزير (الثائر) ان يفرق بين الدولة والحكومة فهاهي الحكومة الآن تركع للاثنين سمينز واوكتاي من اجل العودة ، أما الأسباب الادارية في تردي خدمات الكهرباء فكانت في قوائم الفصل وتقديم الانتماء السياسي على الكفاءة كما كان يفعل السابقون فكانت النتيجة قطوعات الساعات الطوال (باستثناء رمضان الذي تكهرب بموية الزراعة) التي نعيشها الآن ولكن في ظل هذا التردي حدثت إيجابية لابد من التقاطها وهي محاولة تنظيم القطوعات فأصبحنا نعرف اليوم الذي فيه تيار كهربائي واليوم المظلم فكيفنا حياتنا عليهما.
(2 )
علي صاحب الطاحونة قال لي في ساعات القطع كان يترك ولده الصغير لاستلام الذرة والقمح المراد طحنه و يمضي هو الى عمل آخر وعندما يأتي التيار يعود هو للعمل وينجز المطلوب ويأتي الزبائن في الصباح لأخذ طحينهم . وهكذا اصبح بقية الحرفيين من نجارين وحدادين وحلاقين وترزية وغيرهم يفعلون نفس الشيء حتى ربات البيوت كيفن مستلزمات البيت على قطوعات التيار . شحن الموبايل واللابتوب أصبح له وقته . اصحاب الأدوية الحساسة أخذوا ينقلونها من تلاجة الى ديب فريزر ومن حي الى حي على حسب وجود التيار . بهذا يمكننا القول ان ادارة الكهرباء نجحت في ادارة الأزمة اذ أبطلت عنصر المفاجأة وصياح الأطفال والكبار (الكهرباء جات)، فكل الذي نرجوه الآن من ادارة الكهرباء هو تجويد (الحتة دي) والالتزام الصارم بالبرمجة مهما كانت قسوتها بالطبع لن نطلب منها تيار كهربائي متواصل 24 ساعة في اليوم فهذا عشم الكلب في موية الابريق .
(3)
لقد أصبحت الأزمات هي الاصل في حياتنا لذلك لن نطالب بإنهاء الازمات بل بتنظيمها وهذا امر يجب ان يكون مقدورا عليه طالما ان هناك مؤسسات مسؤولة وبها رؤساء ومرؤوسين يأخذون رواتب فطالما انهم لم يوفوا الخدمة التي من أجلها تم توظيفهم فلينظموا التقصير فيها فمثلا محطات الوقود يجب ان يكون المستهلك مدركا لمواعيد وصول التانكر ومواعيد تفريغه وبالتالي مواعيد البيع . مجمعات خدمات الجمهور التي تديرها الشرطة يجب ان تكون مواعيد عمل الشبكة فيها معروفة فما معقول ان يمضي طالب الخدمة كتجديد جواز او استخراج رقم وطني ثلاث ساعات لأن الشبكة طاشة وفي النهاية يقال له تعال باكر ويأتي غدا وهو لا يعرف متى ينتهي من موضوعه (الحكاية بقت شخطك بختك اي قمار عديل) كما وصفها احد المواطنين.
(4 )
ما نطلبه أعلاه يدخل في باب ادارة الأزمات ان شئت في باب الإحسان (اذا ذبح أحدكم فليحسن الذبح) فالإحسان مطلوب في كل شيء حتى في حالة التردي لانه يخفف على المواطن كثيرا حتى الموت الواحد دا يتمنى الناس الإحسان فيه فيقال لك فلان هذا مات ميتة هادئة أما فلان فقد خرب الموت بالرفسي لان الرفس مع سكرات الموت يتطلب مجهودا من الملازمين كي يثبتوا المحتضر وهذا مجهود ينتهي بخروج الروح . فيا مؤسسات الدولة ما تخربي علينا الموت بالرفسي.
عبد اللطيف البوني
صحيفة السوداني