قال محدثي الذي طالع باستغراب الخبر المفبرك الذي يتحدث عن انقلاب يدبر له الحزب الشيوعي، (والله انقلاب الشيوعي دا الا يكون على طريقة الاعلامي الكبير رحمه الله محمود أبو العزائم..أبو العزائم كتب مرة في المانشيت الرئيس في صحيفته التي كان يصدرها (انقلاب عسكري في السوق العربي)، وعندما تخاطف الناس الصحيفة لمعرفة التفاصيل، وجدوا ان الخبر يتحدث عن عسكري مرور انقلبت به دراجته البخارية التي كان يقودها.. وواصل محدثي وهو محق من أين للحزب الشيوعي بدبابات ورشاشات وجنود وضباط لينفذ بهم هذا الانقلاب المزعوم، اذ ليس له في عير الجيش شئ ولا في نفير الدعم السريع حبة خردل، فهو يقف على النقيض من كافة المكون العسكري، كما ليس له في حكومة حمدوك شروى نقير بل هو يطالب ويسعى لاسقاطها، فكيف وحاله هذا يستطيع ان يحتل القيادة العامة ويعتقل كل قياداتها، ويؤمن وحدات الجيش الاخرى ويأمن جانب الدعم السريع ويغلق الكباري ويسيطر على الاذاعة والتلفزيون ويقطع الاتصالات وخدمة الانترنت، و..و..مما يفعله الانقلابيون عند تنفيذ انقلابهم..قلت لمحدثي ربما كان انقلابا ينفذه الشيوعي بالعكاكيز المضببة والسكاكين المطرقة والسيوف الصقيلة، على طريقة الانقلاب المفبرك الذي اتهم فيه النظام البائد المناضل الصلد علي محمود حسنين رحمه الله وآخرين بتدبير انقلاب، في الوقت الذي كان فيه النظام المباد يعلم قبل غيره ان محمود ومن معه من متهمين لا يملكون ولا مسدس موية من النوع الذي يلهو به الأطفال..
الواقع ان الحزب الشيوعي ظل دائما هو المشجب الذي يعلق عليه السلطويون ومناوئوه بلاويهم كلما حاقت بهم بلوة أو ضربتهم أزمة، فمنذ نظام مايو مرورا بالعهد المخلوع والى يوم الانقلاب المفبرك هذا، ظل الحزب يعيش دوامة مثل هذه الاتهامات والفبركات، وكل ذلك قد علمه الناس وحفظوه حتى أصبح عندهم من المعلوم بالضرورة، فأيما محنة تقع لا بد أن وراءها الشيوعي، ولهذا ما كان خبر الانقلاب الشيوعي المفبرك الذي اريد به ضرب هذا الحزب، يستحق برأينا عناء اصدار بيان لنفيه بقدر ما انه يستحق الاستخفاف به والضحك عليه، ومن مضحكات اتهامات الشيوعي العديدة، أذكر تلك التهمة الفطيرة التي كان المتنفذ الانقاذي نافع علي نافع دمغ بها الحزب، كان ذلك ذات هبة من الهبات الجماهيرية الكثيرة التي نهضت ضد النظام، فما كان من نافع الذي كان يشغل منصب مساعد الرئيس ونائبه في رئاسة الحزب، الا ان يقول عن تلك التظاهرات التي إندلعت في عدة أماكن داخل العاصمة وخارجها، أن الشيوعيون يقودونها وأن شيوعي عندو حبة قروش هو من مولها، فضحك الساخرون على
نافع حتى استلقوا على ظهورهم، وتساءلوا مستغربين وهل الاطارات البالية التي حرقها المتظاهرون تعبيرا غاضبا عن الحالة المزرية التي يكابدونها تحتاج لتمويل، الواقع أن الحقيقة التي يعلمها من يدمغون الشيوعي بالاتهامات المفبركة، هي ان هناك دوافع حقيقية تدفع المواطنين للتعبير عن سخطهم على مجمل الأوضاع التي ناءت عليهم بكلكلها، وهناك ألف سبب وسبب يدعو للتظاهر ويعايشها كل فرد في نفسه وفي بيته، وهي أسباب حقيقية وليست مصنوعة لا بالحزب الشيوعي ولا غيره، ولا يمكن صناعتها حتى بأموال الكيزان المنهوبة، وعليهم أن يخاطبوا جذور الأزمات بدلا من هذه المكايدات الصغيرة، فيظلون يصرخون (شيوعي شيوعي) وحين يصحون يجدون أن الفترة الانتقالية قد راحت في حق الله..
حيدر المكاشفب
صحيفة الجريدة