من التاني يا بنسودا..؟

رفض الزعيم القذافي المُتكئ (كان) على حائط سُلطته المُطلقة في ليبيا قرارات الأمم المتحدة، وقاوم بشدة تسليم عبدالباسط المقرحي والأمين افحيمة الليبين المُتهَمَين بتفجير طائرة بان أمريكان في سماء بلدة لوكربي الإسكوتلندية للمحكمة الدولية، وقد أخذته السُلطة بعيداً وحلّقت به في سماوات الوهم وظنّ أنّ حُصونه مانعته من أي مُتربصٍ به،لم تُجدي تلك العنتريات نفعاً واضطر بعد الضغط عليه أن يُسلمهما مع تسديده المُضاعف لفاتورة التفجير الباهظة والتي طالت حتى المفاعل النووي الليبي الذي سلّم مفاتحه (طائعاً) لأمريكا، ولم ترضى عنه وكانت النهاية التي تعلمونها.
سحر السلطة الزائف قاد أيضاً البشير إلى نفس المصير إذ دخل الرجُل في تحدٍ مع العالم وظلّ يسخر من المحكمة الدولية التي اتهمته شخصياً وثلة من رفاقه بارتكاب جرائم بشعة في حق أهلنا في دارفور، لم يستجيب هو الآخر لقراراتها ولم يعبأ بالزيارات المُتعددة للمُدعي العام الأسبق للمحكمة أوكامبو، بل ازداد في سخريته لها وظلّ يُعلِن على الملأ رفضه التام للمحكمة لعدم اعترافه بها وبقضاتها، وبطانته صوِّرت له الأمر بأنّ لا طريق صحيح غير طريقه، وأن لا قوة في الدنيا تستطيع اختراق نظامه المُبرأ من كُل عيب، وأنّ الشعب سيقول كلمته إن اقتربت المحكمة منه، وكانت المفاجأة أنّ الشعب قد قال حقاً كلمته وبصوتٍ عالٍ وفعل فعلته المشهودة في إقصاء البشير وتركه يواجه وحده الأن مصيره مع المحكمة الدولية في لاهاي.
انفتحت شهية السيدة بنسودا خليفة أوكامبو بعد تسليم كوشيب لنفسه طائعاً للجنائية وعقب تصريح أحمد هارون الذي ضاق به الحال في محبسه في سجن كوبر وأعلن أن لا مانع لديه من الذهاب إلى لاهاي من تلقاء نفسه طائعاً مُستجيراً من رمضاء كوبر بنيران الجنائية، تكرّرت زيارة بنسودا المُنتهية فترتها في النصف الثاني من يونيو القادم للسودان بشهية مفتوحة لدفع السلطات السودانية لتسليم بقية المتهمين لا سيّما والبشير قد صرِّح هو الآخر بأنّ الجنائية أفضل حالاً من الظروف التي يعيشونها هُنا، وقد تملّمل من وجوده في سجن كوبر الكئيب واشتكى مراراً من بؤس التواجد فيه.
وصل كوشيب في عهدِ بنسودا وتطمع أيضاً في وصول بقية المُتهمين قبل أن تُبارح موقعها وقد دفعها الأمل للتصريح في زيارتها الأخيرة للسودان بأنّ كوشيب لن يظل وحده في لاهاي ولن يكون أخر من يدخل الجنائية، وتصريحات أحمد هارون والبشير قد منحا المرأة بعض الأمل في أن يلحقا برفيقهما أو على الأقل أحدهما حتى تُضيف لملفها انجازاً آخر.
لقد وجدت الجنائية الفرصة اليوم للضغط على الحكومة لتسليمها كُل مطلوب لديها لأجل العدالة وآخذ حقوق أبرياء أزهقت أرواحهم بلا ذنبٍ جنوه، وما فعلته المحكمة بالقذافي وضغطها اليوم لتسليم البشير ومن معه رسالة لبقية الأنظمة في عالمنا المُضطرب أنّ نهاية السباحة عكس تيار المنظومة الدولية لن تكون سعيدة.

زاهر بخيت الفكي
صحيفة الجريدة

Exit mobile version