دفعت النيابة العامة بمذكرة للمجلس السيادي طالبت فيها بالإبقاء على مولانا مبارك محمود نائبا عاماً موضحة بالمذكرة إن إختيار نائب عام من داخل النيابة العامة يبعث على الطمأنينة بين أعضائها وتستعيد هذه المؤسسة صلابتها. وفيما يلي بحسب (سونا)، نص المذكرة:- بسم الله الرحمن الرحيم جــمهــورية الـسودان الـنـيـابـة الـعـامـة السادة/ رئيس وأعضاء مجلس السيادة ــ الموقرين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الموضوع / إختيار النائب العام يقول الله عز وجل في محكم تنزيله “واقيموا الوزن بالقسط ولاتخسروا الميزان” وصحَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ” اللهم من ولى من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فأشقق عليه ، ومن ولى من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به” بدءاً نسجي إليكم خالص الشكر والتقدير في تكليفكم لنائب عام من بين أعضاء النيابة العامة والتي سيكون لها ما بعدها من إنجاز في سبيل تحقيق العدالة في بلادنا . السادة / رئيس وأعضاء مجلس السيادة الموقرين: جاءت ثورتنا الظافرة ثورة ديسمبر المجيدة تحت شعار (حرية سلام وعدالة) فكانت العدالة هي الركن الأساسي لهذه الثورة وكأنه لم يعد في الأرض الا وجهها المنحوت من صخر الهزائم فإنكسرت كل المعاني التي لاتؤدي لتحقيق هذه الغاية وللوصول للعدالة كان مهرها دماء الشهداء فكانت العدالة بمثابة الوسامة العقلية المغرية لابناء بلادي فكانت لهم زاداً وعمراً وإرتقاب . نجحت ثورتنا الظافرة في بلوغ غايتها الأولى الحرية وخطت خطوات ممتازة في سبيل إكتمال السلام ولكنها للأسف تعثرت في ملف العدالة وهذا مرده أن النيابة العامة لها خصوصية تتطلب أن يكون النائب العام من بين الذين ترعرعوا فيها منذ نعومة أظافرهم وهذا ما أكدته تجربة إختيار نائب عام من خارج أسوار هذه المؤسسة. ولأن سر إتقان الأشياء والنجاح فيها دون شعور بالمعاناة حبها عن معرفة مهما كانت طبيعة هذه الاشياء فالحياة كلها تجربة كبيرة هي سلسلة مترابطة من التجارب فوكيل النيابة الذي يبدأ حياته العملية (مستشاراً مساعداً) يتتلمذ على يد أجيال مختلفة ومدارس قانونية مختلفة فيما يتعلق بالعمل الجنائي وينهل من معين المعرفة القانونية والإدارية والفنية كل يوم فيزداد رصيده لمقبل الأيام فيقوى عوده فاذا ما وصل درجة رئيس نيابة عامة يكون بارعاً جداً في العمل الجنائي فمهما علا شأن أي قاضٍ أو محامٍ لن يكون بذات الخبرة التراكمية التي اكتسبها الشخص الذي بدأ عمله بالنيابة العامة وبالمقابل ليس كل قاضٍ ناجح بالإمكان أن يكون محامياً ناجحاً وينطبق هذا القول على وكيل النيابة الناجح، فالمحامي الذي بدأ حياته محامياً تحت التمرين وصار مشهوراً لا يمكن للقاضي أو وكيل النيابة أن يصل للدرجة التي وصل اليها . فمنصب النائب العام منصب فني بحت.. فالنيابة العامة تأذت كثيراً من العناصر التي أتت لإدارتها من خارج اسوارها على مر التاريخ . ولذلك نرى الإبقاء على السيد النائب العام المكلف لحين تشكيل المجلس الأعلى للنيابة وحينها نكون قد وضعنا اللبنة الأولى في كيفية إختيار النائب العام وفقاً لما جاء بالوثيقة الدستورية . السيد / رئيس وأعضاء مجلس السيادة الموقرين إن إختيار نائب عام من داخل النيابة العامة يبعث على الطمأنينة بين أعضائها وتستعيد هذه المؤسسة صلابتها لأنه يكون قد خبر دهاليزها وسهولها ووديانها لأنه ببساطة قد ترعرع داخل أسوارها منذ نعومة أظافره القانونية إبتداء من يومية التحري وإنتهاء بصدور القرار النهائي فيها باحالته إلى المحكمة المختصة كدعوى جنائية . ولعلكم قد تابعتم ما وصل اليه الحال داخل النيابة العامة من تجاذبات واختلافات أقعدتها عن تحقيق العدالة وأصبح كل عاقل يتبعثر على حزنه وإهتياج شجنه وأصبح يطاطأ راسه باكياً على الدار التي خلا أهلها الأ من سويعات التباكي وغزير الدمع على عدالة كسيحة كان ينبغي أن تكون ملجأ للثكالى وطالبي العدالة فأصبحت داراً موشحة بالسواد وهميل الغصص وكأنها قد فارقت تطبيق العدالة وإنعدام الحكمة ولكن بعودة أحد أبنائها اليها كأنما كان مغشياً عليها ففاقت من تلك الغيبوبة وأصبحنا بين ليلة وضحاها نتخلى عن التوشح بذلك السواد وبدأت تعود الينا الطمأنينة بأن العدالة حتماً ستعود بذات الألق الذي ينتظره شعبنا دون زيف أو تلوين. كانت أولى خطواته أن عمل على جمع شتات الأخوة وتنقية السرائر وعودة اللحمة بين أبناء النيابة العامة وأن ينصرف الجميع للعمل وأن يرموا ما خلفته الحقبة السابقة من مرارات وخلافات وراء ظهورهم . فهذا الـمـبـارك النائب العام المكلف جميعنا يعرفه فهو رجل متواضع في غير ضعف مهموم بالعدالة وأرساء دعائمها ولا يخشى في الحق لومة لائم ومهموم بإصلاح النفوس مما ينعكس إيجاباً على العدالة في بلاد مأزومة وتقف على مفترق الطرق ولا سبيل لتطورها الا بإحقاق الحق وإن يرى الناس العدالة مشرقة وهذا ما تسعى اليه الدولة كلها ونشهد أنه مهنياً خالصاً . ونشهد له أنه لم يكن يتبع للنظام السابق كما روج لذلك بعض القلة بل كان مسحولاً في ذلك العهد ومهمشاً لأنه طاهر اليد واللسان ولم يأت للشئون المالية والإدارية الا لأمانته ومهنيته ويكفية شرفاً أنه لازال يستأجر بيتاً بحي متواضع بأمدرمان . السادة رئيس وأعضاء مجلس السيادة ـــ الموقرين لعلكم قد تابعتم القرارات التي أصدرها معالي النائب العام المكلف وكيف أنها قد وجدت قبولاً لدى الشارع العريض وكيف أنه قد جمع الأخوة داخل النيابة العامة على قلب رجل واحدٍ فلم يتعامل بقسوة ولا بالمرارات بل تعامل بحكمته المعهودة فيه ووجد إجماعاً داخل النيابة العامة لم نشهد له مثيل ، ولذلك إختيار نائب عام من خارج اسوار النيابة العامة يجعل هذه اللحمة التي بدأت في التماسك أن تكون في مهب الريح مرة أخرى. عليه نأمل في كريم تفضلكم بالإبقاء عليه نائباً عاماً لحين تشكيل المجلس الأعلى للنيابة العامة وإعطائه الفرصة لنثر درره القانونية وإشاعة المحبة بين أعضاء النيابة العامة والعمل على إحقاق الحق ونحن سنكون سنداً له بإذن الله في تحقيق ذلك . دونكم توقيعات قادة النيابة العامة من رؤساء ووكلاء أعلى النيابة وفقاً للكشف المرفق وإن طلبتم كافة توقيعات أعضاء النيابة ستجدونها على منضدتكم فوراً. والله من وراء القصد أعضاء النيابة العامة.
الخرطوم (كوش نيوز)