مواكب ٣ يونيو

الدعوات تترى من أجل إقامة موكب ٣ يونيو، والذي يصادف الذكرى الأليمة لفض الاعتصام، من الملاحظ أن فض الاعتصام له تقويمين، هجري وميلادي، فهو بالهجري يوافق ٢٩ رمضان، وبالميلادي يوافق ٣ يونيو، رمضان هو الشهر الهجري الوحيد الذي يؤرخ به السودانيون، ولذلك الحدث الذي يحدث فيه يظل مرتبطا باسمه كرمضان، بينما التقويم الرسمي والمتداول هو الميلادي، لذلك لو ان فض الاعتصام وقع في اي شهر هجري آخر غير رمضان لما ذكر الشهر الهجري، ولظل لهذه الذكرى توقيت واحد فقط هو التوقيت الميلادي، لذلك سنويا سيستذكر الشعب السوداني ذكرى فض الاعتصام مرتين، في رمضان وفي يونيو.

في ٢٩ رمضان خرجت مواكب مشابهة وتحت ذات العنوان، وصلت المواكب إلى القيادة العامة وفي نهايتها حدث إطلاق الرصاص الذي أودى بحياة الشهيدين، وعدد لا يقل عن ال ٣٠ مصاب، وهي أحداث مازال الضمير الوطني السوداني ينتظر محاسبة مرتكبيها، بعد أن أعلنت القوات المسلحة تسليمها للمتهمين للنيابة. سقوط الشهداء أحدث ردة فعل عنيفة باعتبار أن القيادة الحالية للحكومة خرجت من رحم الثورة فكيف بهم يقتلون الثوار؟! أجج إطلاق الرصاص المشاعر وأعاد إلى الأذهان أحداث متعددة لجرائم إطلاق الرصاص وحصد الأرواح وعدم محاسبة احد، ٨ رمضان ١٠ رمضان أحداث ٣٠ يونيو و٢١ أكتوبر وغيرها.

أحداث ٢٩ رمضان أثارت موجة غضب طاغية ثم غطت عليها أحداث جديدة، أولها اغتيال الثائر ودعكر، وثانيها الحكم بالإعدام على قاتل الشهيد حنفي، اغتيال ودعكر جريمة كاملة الأوصاف، وفك طلاسمها ومحاسبة مرتكبيها واجب ومسؤولية الحكومة الانتقالية، بينما الحكم بإعدام ضابط الدعم السريع ارسل اشارات فيها بعض الراحة للثوار بأن القصاص وان تأخر فإنه قادم، وأن العدالة مهما طال بها الأمد فإنها ستتحقق.

اهداف دعاة الخروج في مواكب ٣ يونيو متضاربة وغير واضحة، فهناك من يدعو للمواكب لإسقاط السلطة الانتقالية، وهناك من يدعو لها من أجل القصاص، وهناك من يدعو لها من أجل تكوين المجلس التشريعي وإشراك الثوار، وهناك من يدعو إلى المواكب من أجل فض الشراكة، وهناك من يدعو للمواكب من أجل إصلاح الواقع الاقتصادي، والخ من الأهداف المختلفة والمتعددة التي يرفعها الداعين لمواكب ٣يونيو، وهذه مشكلة كبيرة، فوحدة الهدف أساس نجاح المواكب، تعدد الأهداف وتضاربها سيؤدي إلى فوضى في المواكب وارتباك في الجماهير. كذلك تعدد اللافتات السياسية الداعمة لهذه المواكب عامل ارتباك آخر، فدعاة مواكب الإسقاط هم الشيوعيين والإسلاميين، بينما دعاة القصاص وهيكلة الحكم هم أسر الشهداء والمصابين، ودعاة فض الشراكة هم لجان المقاومة، ودعاة إصلاح الحال الاقتصادي هم عامة الشعب، هذا الاختلاف في اللافتات والأهداف سيكون عاملا أساسيا في فشل هذه المواكب وفي عدم دعمها من الجماهير، لذلك الطريق الوحيد لانجاح مثل هذه المواكب هي توحيد الهدف وتوحيد اللافتات في جسم واحد، تماما كما حدث في ثورة ديسمبر حين توحد الجميع حول هدف واحد هو إسقاط الانقاذ، وتوحدوا جميعا خلف لافتة واحدة هي قوى الحرية والتغيير، أيام قليلة متبقية، فهل ينتبه قادة مواكب ٣ يونيو لهذه الفوضى وينظموها، ام يسيرون للفشل وهم ينظرون؟!

صحيفة التحرير

Exit mobile version