(1)
بدا واضحاً ومن خلال تصريحات قادة الحزب الشيوعي خلال الأيام الفائتة ولاسيما أحاديث الناطق الرسمي باسم الحزب الدكتور فتحي محمد الفضل، وكذلك آخر تصريحات للقيادي بالبارز بالحزب صديق يوسف أن الحزب وآخرين يعدُّون العُدّة لإسقاط الحكومة الحالية لأنها انحرفت عن مسار الثورة وأهدافها ، فهم يرون أنه لا مناص من ثورة جديدة تصحح المسار وتضع أهداف الثورة وشعاراتها في سلم الأولويات…الحزب الشيوعي يمضي في هذا الإتجاه ربما تاكتيكاً لتخويف وتهديد زملاء النضال الذين استهوتهم المناصب والمواقع وانحرفوا عن مسار الثورة وأهدافها وشعاراتها وسفهوا (أحلام الشيوعيين)، وتنكروا لدماء الشهداء ، أو ربما أن الحزب الشيوعي صادق في توجهه نحو إسقاط الحكومة الإنتقالية…
(2)
لامراء ولاجدال في أن الإئتلاف الحاكم الآن والذي جاء للسلطة عن طريق المحاصصات وشراء الصمت دون مراعاة الكفاءة والخبرات والمؤهلات انحرف عن مسار الثورة وأهدافها وشرع في بيع المواقف و»الثورة» و»الثروة» والدولة، وشهداء الثورة ، وداس على شعاراتها .. وصحيح أيضاً أن الإئتلاف الحاكم الآن قدم نموذجاً سيئاً للحكم والإدارة والفشل والتخبط ، والنظرة التي لاتتجاوز أرنبة الأنف وموضع القدمين بعيداً عن المستقبل والإستراتيجيات…نظرة لاتشبه نظرة رجل الدولة ولامنهج تفكيررجل الدولة ولاعقلية رجل الدولة ….كل هذا صحيح تماماً لكن هل إسقاط الحكومة الحالية سيحل المشكلة؟…هل ستأتي لنا الحكومة الجديدة بكوادر مؤهلة وخبرات وكفاءات عالية لإدارة الدولة، وأين هذه الكفاءات؟ هل ستضع الحكومة البديلة معايير صارمة للتوزير وشغل المناصب التنفيذية في الدولة ؟ وهل ستوصد باب المحاصصات والمجاملات وشراء الصمت؟ والتهريب والمضاربات وفوضى الأسعار وانفلات السوق؟…
(3)
في أوقات سابقة دعوتُ أكثر من مرة إلى ضرورة البحث عن كوادر مؤهلة وأصحاب خبرات عملية وكفاءات عالية ولاسيما أصحاب النزاهة والإستقامة ، وذلك عندما بدا لنا أن كل المشكلة تكمن في أن الذين جيء بهم لإدارة البلاد وشئون الحكم عناصر تفتقد الخبرات والتأهيل والكفاءة، والدليل هو ذلك التخبط والفشل الذريع والشلل التام الذي أصاب الحياة في السودان خلال العامين الماضيين، لكني تيقنتُ تماماً بعدم وجود كوادر أصلاً لأن هذه الأحزاب التي كانت في المعارضة لم تنشغل بهذا الأمر من «أساسو» …..
الآن استطيع القول للحزب الشيوعي وبالفم المليان أن إسقاط الحكومة لن يجدي نفعاً ، لأن الأحزاب الصغيرة والتنظيمات الكرتونية واللا فتات الحزبية التي تتسيد الساحة الآن أغفلت أهم جانب في إدارة الدولة وشئون الحكم وهو تأهيل الكوادر وتدريبها على فنون الإدارة والحكم …للأسف الشديد هذه القوى لم تعِد نفسها يوماً للحكم فأهملت التدريب وإنتاج الكوادر المؤهلة وتعزيز القدرات والكفاءات ، وظنت أن الحكم مثله مثل الزعيق في الندوات وورش العمل وأركان النقاش في الجامعات ، والكتابة والتنظير والشتائم على مواقع التواصل الإجتماعي، وعندما أسقط شباب السودان الذين لا ينتمي أغلبهم لأحزاب، عندما اسقطوا نظام البشير تفاجأ قادة الأحزاب الكرتونية بالسقوط فعمدوا إلى سد الفراغ بعناصر بلا خبرة ولاتأهيل ولاتدريب وبعضهم جيء بهم من الخارج فوجدناهم مغتربين في وطنهم نسوا حتى عادتنا وتقاليدنا وأعرافنا ومدى حساسيتنا المفرطة تجاه عقيدتنا…فحدث ماحدث…
(4)
أعود وأقول للحزب الشيوعي لو أنكم اسقطتم هذه الحكومة ستواجهون بنفس المشكلة ، وستجدون أن العقرب في (نتحيها)، والمحاصصات على الأبواب، لأن المشكلة لا تزال قائمة … أين كوادركم التي أعددتموها للحكم وإدارة الدولة ..؟ ….واللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة