تهريب الذهب عبر مطار الخرطوم ، بإشراف ورعاية شخصيات نافذة في الحكومة الانتقالية، أمر لا تنفيه المغالطات ولاتستره تبادل الاتهامات ونفيها.
فعندما كتبنا عن فساد شركة تاركو ، اتهم بعض المسئولين فيها والذين يهمهم أمر الشركة ، شركة بدر للطيران ، وقال لي محدثي ، (نحن عارفين شركة بدر هي التي أعطتك هذه المستندات) ، قلت له ولماذا هل لأنها شركة منافسة) قال لا (لكن بدر اتهمت تاركو من قبل انها من فضحت أمرها في قضية الذهب المهرب عبر طائراتها لذلك نحن نشك انها تردها لنا)، ووعدني الرجل ان أكدتي لي انهم خلف هذه المستندات سأتيك بمستندات تدين شركة بدر بتورطهم في تهريب الذهب ولأنني كنت صادقة ان بدر ليست لها علاقة بالمستندات حرمني المتحدث من مستندات تدين شركة بدر،
كل هذا يؤكد ان مثلما كانت تاركو متورطة في عمليات فساد لم تكن بدر أفضل منها بشئ، ففي مجال التهريب ونهب ثروات الوطن ياعزيزي كلنا لصوص.
كما تؤكد المكالمة أن فضح عمليات الفساد والتهريب وكشفها والتستر عليها يتم أحياناً بموجب الخلافات والمكايدات وليس بموجب يقظة الضمير والخوف على الوطن.
فخلاف الجمارك وشركة بدر الأخير الذي دونت فيه هيئة الجمارك ومديرها الفريق شرطة بشير الطاهر، بلاغاً ضد مدير شركة طيران بدر أحمد أبو شعيرة ، على خلفية اتهام الأخير للجمارك بتهريب الذهب عبر المطار أثناء زيارة وزير مجلس الوزراء ووزير الداخلية للمطار ، لم يأت لأن ابو شعيرة رجل وطني غيور، وان شركة بدر للطيران بريئة من عمليات تهريب الذهب، ولكن لأن ثمة خلافات وصراعات وتقاطع مصالح يحدث بين الهيئة والشركة فالأخيرة تجمعها مشاعر حب هذه الايام مع الحكومة المدنية بعد مؤتمر باريس ، وربما تريد ان تكسب ود الحكومة، وتبرهن لها أنها حريصة على كشف الفساد ، لاسيما ان مدير الجمارك هو رجل حميدتي المفضل ، وان دقلو هو سبب بقاءه في منصبه حتى الآن فادارة الجمارك هي الادارة التي لم يحدث فيها تغيير منذ عهد المخلوع.
والذي يؤكد ماذهبنا اليه أن هيئة الجمارك وبمجرد اتهام شركة بدر لها أخرجت ماعندها بإنفعال وقالت كردة فعل سريعة ان واقعة ضبطية الجمارك لـ(18.5) كيلو جرام من الذهب الخالص ضبطت على إحدى رحلات شركة طيران بدر، وأكدت أن الضبطية تمت بواسطة تدخل ضباط جمارك مطار الخرطوم الدولي رغم رفض مدير بدر لتفتيش الطائرة، ونوه إلى أنه تم التوجيه بعدم إقلاع الطائرة من أمام (هنقر الشركة) الخاص بها والتمسك بإقلاعها من داخل (التارمك). وكشف مدير الجمارك أنهم ظلوا يطالبون بأن يتم تفتيش الطائرة عبر لجنة تضم ضابطاً من الجمارك وضابطاً من الطيران المدني وفرد أمن من شركة بدر للطيران وتريد بهذا الحديث أن تثبت أن أبوشعيرة كان على علم بتهريب الذهب.
كل هذا لم تكشف عنه الجمارك الا بعد اتهامها من الشركة وقد تكشف الايام القادمات أكثر، وربما ان أغلب عمليات تهريب الذهب التي ستكتشفها الجمارك سيكون لشركة طيران بدر نصيب من الاتهام ، ورفض الجمارك اعتذار الشركة يعود الى ان الجمارك تستقوى بمن هم أقوى، لذلك آثرت المواصلة في الاجراءات القانونية، وتمسكت بها.
فما الذي يجعل أبو شعيرة يعتذر عن حديثه ويطلب السماح ان كان متأكداً من معلوماته حد الإفصاح بها الى الاعلام ، فهو واثق من معلوماته ولكنه تخوف من الجمارك وموقفها الأقوى ليست لأنها بريئة من ذلك ولكن لأن الحديث عن هذا له تبعاته وعواقبه التي ربما تضر بشركة بدر وبمستقبلها.
لذلك فخلاصة القول لا هيئة الجمارك أياديها بيضاء ولا شركة بدر كذلك ، فكلاهما تحوم حوله شبهات ، ولكن اذا اختلف لصان ظهر المسروق ، فشركة بدر ان كانت تمتلك المعلومات الكافية ضد مدير الجمارك يجب ان لا تتردد في كشفها حتى لو كلفها ذلك الكثير، ولكن كيف يتم ذلك ان كانت الجمارك تعلم عن أبو شعيرة أكثر مما قالته للإعلام.
الايام حُبلى بالمفاجآت، ومافيا تهريب الذهب لا يقبعون جميعهم في مكاتب ادارة الجمارك ، ولا في شركة بدر ، مافيا التهريب يقودها الذين يتباكون الآن على المواطن الذي يعيش ظروفاً اقتصادية طاحنة، هم الذين ينهبون ثرواته ويحاولون ان يستغبونه ، هم ذاتهم الجناة الذين يلعبون دور الضحية.
طيف أخير:
ستأتي أيام ترضيك ، لن يدوم ما بك الى الأبد.
صباح محمد الحسن
صحيفة الجريدة