التاج بشير الجعفري
تتملك غالبية الشباب وغيرهم رغبة جامحة في ممارسة التجارة الإلكترونية في العملات الأجنبية كالدولار والجنيه الاسترليني واليورو والتي تعرف إختصارا بالفوركس وكذلك العملات الرقمية أو المشفرة Crypto-currencies والتي تشمل عملة البتكوين Bitcoin والعملات الرقمية البديلة الأخرى للبتكوين ومن أهمها إثيرام Ethereum وباينانس Binance وغيرها، إذ يوجد أكثر من 4500 عملة رقمية في العالم، حيث يعتقد أن 20 عملة فقط من هذا العدد – بحسب الأهمية – تمثل 90% من القيمة الكلية لسوق العملات الرقمية.
ولقد أصبحت تجارة الفوركس والعملات الرقمية سهلة ومتاحة من خلال المنصات الإلكترونية المختصة على شبكة الإنترنت، ومع ملاحظة أن معظم المتعاملين في هذه التجارة يمنون النفس بالكسب الوفير والسريع، إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة وإنما ينطوي على الكثير من المخاطر والتحديات.
فغالبية من يرغبون في ممارسة هذا النوع من النشاط التجاري ليس لديهم المعرفة والخبرة الكافية بالكيفية التي تتم بها العمليات التجارية في هذه المنصات علاوة على جهل العديد منهم بالمخاطر المالية الكبيرة المرتبطة بهذه العمليات إذ أنه في غالب الأحيان يستقي هؤلاء معلوماتهم عن هذه التجارة من بعض الفيديوهات المنشورة على الإنترنت والتي تصور العملية من جانبها الإيجابي فقط ولا تتحدث بشفافية عن جانب المخاطرة والتي قد تؤدي إلى خسارة كل المبلغ المستثمر خلال لحظات بسبب التقلبات السريعة للسوق صعودا وهبوطا والمضاربات التي تتم فيه، بالإضافة لقابلية السوق للتأثر – إيجابا أو سلبا – بشكل كبير بالتصريحات التي تصدر من الدول والشخصيات المعروفة والنافذة في مجال المال والاعمال والتي تتعلق بالأمور الاقتصادية والمالية وحركة الإقتصاد العالمي او تلك المتعلقة بمستقبل قبول واستخدامات العملات الرقمية، فقد قفزت عملة البتكوين أمس الإثنين بنسبة 13% لتصل قيمتها إلى 38 الف دولار بعد تراجعها خلال الأيام الماضية بنسبة 17% لتسجل 31 ألف دولار، هذا فضلا عن ان البتكوين فقدت خلال أسابيع اكثر من 50% من قيمتها بعد تسجيلها ذروة قياسية بلغت 64 ألف دولار في أبريل الماضي وذلك بسبب الأنباء التي تحدثت عن أن الصين تنوي فرض المزيد من القيود بتشديد اللوائح التنظيمية الخاصة بالعملات الرقمية، بالإضافة لتصريح إيلون ماسك Elon Musk الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة تسلا Tesla – أكبر الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية في العالم – والتى ذكر فيها أنه سيتوقف عن قبول “البتكوين” كعملة لشراء سيارات تسلا، فمثل هذه التصريحات لا يمكن التنبؤ بوقت حدوثها ومدى التاثير السلبي أو الإيجابي الذي ستحدثه في الأسواق.
لا شك أن العالم يتجه بسرعة نحو مرحلة التحول الرقمي الكامل في كل جوانب الحياة وأهمها عمليات دفع واستلام الأموال وما يكتنفها من المخاطر المتعلقة بعمليات القرصنة الإلكترونية ومدى مصداقية الجهات التي تعرض مثل هذه الخدمات خاصة في حالة وجود طرف ثالث في العملية لأي سبب من الأسباب، ولكن يظل التحول الرقمي هو المستقبل والتحدي القادم الذي يجب الإستعداد له والتعامل معه بإيجابية والإستفادة مما يتيحه من فرص علاوة على السهولة في إجراء التعاملات المالية في أي وقت ومن أي مكان.
قد يحتاج الأمر لبعض الوقت حتى نرى التعامل بالعملات الرقمية في كل المجالات ولكن من المؤكد أن التغيير قادم لا محالة.
ونسبة للمخاطر الكبيرة في ما يتعلق بالتجارة الإلكترونية في العملات الاجنبية أو الفوركس Forex والعملات الرقمية او المشفرة والتي تشتهر اختصارا ب (Crypto) أود أن أورد هنا بعض الإحتياطات التي يجب الأخذ بها قبل الدخول في هذا النوع من التجارة:
أولا: يجب البحث وتطوير المعرفة عن كيفية عمل المنصات الإلكترونية لما لذلك من أثر في معرفة المخاطر المحتملة وكيفية التحسب لها.
ثانيا: اتباع مبدأ التدرج للدخول في هذا النوع من التجارة ويستحسن البداية بمبلغ صغير إلى أن تتكون لديك معرفة كافية تمكنك من إتخاذ قرارات استثمارية صحيحة.
ثالثا: العمل على تنويع الإستثمارات وذلك بالاستثمار في عملات مختلفة لأجل تقليل نسبة المخاطر المحتملة من خلال تنويع عدة استثمارات في محفظة واحدة.
رابعا: تعتمد غالبية المنصات التي تعمل في مجال تجارة العملات الإلكترونية ما يعرف ب (الرافعة) عن طريق الإقراض لجزء كبير من المبلغ المستثمر مما يودي إلى تعظيم المكاسب في حالة الربح وكذلك تضخيم الخسائر في حالة الخسارة، لذلك يجب الإنتباه لهذه النقطة والبدء بإستثمار مبالغ صغيرة.
في الختام يجب الإشارة إلى أن التعامل في تجارة العملات الأجنبية (الفوركس) أو العملات المشفرة (الكريبتو) عبر منصات التجارة الإلكترونية يحتوي على الكثير من المخاطر والتي تتطلب المعرفة المسبقة باساسيات التعامل في هذا المجال ولذلك يفضل الاستعانة بمن لديهم خبرة في هذ المجال أو من خلال التعامل عبر مكاتب الوساطة التجارية التي تقدم الاستشارات المالية اللازمة من خلال موظفيها المختصين في تحليل ومتابعة حركة الإقتصاد العالمي والأسواق المالية العالمية.
صحيفة الانتباهة