محجوب مدني محجوب يكتب: مغادرة منصب الحكومة بين الاستقالة والإقالة

لا تأتي الاستقالة كما لا تأتي الإقالة فجأة من موظفي الدولة، وإنما تسبقها عدة خطوات، وأعمال.
فالمسؤول المستقيل من منصبه في الدولة تسبق استقالته مجهودات واضحة يبذل من خلالها كفاءته، وحرصه، واهتمامه، وإدراكه لمهامه سواء من خلال الأعمال التي يقوم بها أو من خلال تصريحاته.
أو من خلال موقف معين حدث له حال بينه وبين إنجاز عمله، فيربط استقالته بهذا الموقف.
فتفسر الاستقالة بعدم تنفيذ ما يريد.
أو تكون الاستقالة بسبب حدوث خطأ ما، فيبادر بتقديم استقالته، لأنه لم يستطع أن يزيل الخطأ.
وهكذا.
فهو في سعي حثيث في تحسين عمله على مستوى إزالة الأخطاء او مستوى تثبيت الصواب.
وما أن يتبين له عدم استطاعته القيام بذلك يتقدم باستقالته، فتأتي الاستقالة متوافقة مع ما بذله من مجهود.
وكذلك إقالة المسؤول من منصبه لها مقدمات، ومؤشرات، وأسباب، فهي تأتي بعد أن تتوفر للمسؤول الفرص الكافية للقيام بمهمته، فبعد ان يستنفد جميع فرصه، ولم ينجز عمله تتم إقالته.
وما بين العمل والإقالة فشل واضح وشلل تام للعمل يظهر ذلك كلما طالت فترة العمل.
ما من مسؤول يترك منصبه يتمنى أن يتركه من خلال الإقالة؛ لأن الإقالة تعني أنه شخص غير مرغوب فيه، وتعني انه شخص مقصر وعاجز.
أما تركه لمنصبه بواسطة الاستقالة، فهي تعني بأنه شخص مسؤول، ومؤهل، ويحترم عمله، والعجز ليس منه، وإنما من الحكومة.
وكثيرا ما تغلف الإقالة بالاستقالة حيث يقال لمن يستغنى عن خدماته احتراما له اترك المنصب من خلال تقديم استقالتك لا من خلال إقالتك،
فما من أحد يخير بين الاستقالة والإقالة إلا ويختار الأولى.
كيف نعرف أن الشخص استقال أو مقال؟
نعرف ذلك من خلال عمله في منصبه او من خلال النصايح والمعلومات التي يدلي بها بعد تركه لمنصبه.
اما من يقوم بالإساءة لمنصبه أو الإساءة للحكومة بعد ان يغادر منصبه، فهو أشبه بكلب الصيد الذي يبدي عدم رغبته في فريسته بعد أن يعجز في الحصول عليها.
الاستقالة ثقافة بعيدة عن مسؤولينا، فما أن يحصل منهم على منصب إلا ويتمسك به تمسكه بالحياة، فإن تمت إقالته منه أو طلب منه الاستقالة احتراما لماء وجهه يقوم بالإساءة للحكومة، ولمنصبه، فلا نحصل على شيء منه في الحالتين.
فهو حينما كان مسؤولا كان عاجزا عن أداء مهمته، وحينما ترك مسؤوليته لا يقدم لنا حصاد تجربته، وخبرته أثناء عمله، وإنما يقدم لنا نفسيته التي أصابتها الحسرة والندم على ترك المنصب، فيقدم لنا إساءات للمنصب أو الحكومة لا علاقة لها بالواقع.
ما السبب الذي جعلك تترك المنصب الآن؟
ما الأسباب التي جعلتك تكون عاجزا عن أداء مهامك؟
إذا لم تتم الإجابة على هذه الأسئلة بأجوبة مقنعة وبالتالي مفيدة، إذا لم يتم ذلك، فهذا يعني أن هذا المسؤول عاجز وغير مؤهل لوظيفته، فترك منصبه نتيجة لإقالته سواء أعلن عن ذلك أو لم يعلن عنه، وسواء غلف باستقالة أو بغيرها من المبررات.
فلا أحد يقبل أن يكون عاجزا.
ولا أحد يضع نفسه في كونه شخصية غير مرغوب فيها

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version