قدرت مصادر مسؤولة عدد الحسابات المتخصصة في إطلاق الشائعات في السودان، بنحو 3 آلاف حساب، مما يجعل البلاد أرضا خصبة للأخبار المضللة التي يفصد نشرها لتحقيق أجندة سياسية وأمنية محددة.
وفتح الانتشار الواسع والسريع للشائعات الباب أمام نقاشات جادة في السودان، حول أهدافها والجهات التي تقف خلفها، خصوصا أنها تحولت إلى مصدر قلق وتهديد أمني واجتماعي كبير للسودانيين.
وفيما تقدر مراكز المعلومات في السودان الشائعات التي تغزو المنصات الاجتماعية مثل “تويتر” و”فيسبوك” و”واتساب” يوميا بالآلاف، يلقي البعض باللوم على غياب المعلومات الحقيقية وصعوبة الحصول عليها من الجهات المعنية.
ويستخدم نحو 10 ملايين شخص في السودان شبكة الإنترنت، مما يتيح لهم الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي. وتعترف الحكومة بوجود “قصور في تمليك الرأي العام المعلومات الرسمية”، بحسب ما أفاد المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء السوداني فيصل محمد صالح، الشهر الماضي.
أغراض سياسية
ويحذر الأمين العام للمركز السوداني للتربية الإعلامية والمعلوماتية، محمد مختار محمد، من خطر الشائعات على استقرار الفترة الانتقالية في السودان، مشيرا إلى أنها تستخدم في الغالب “لأغراض سياسية من غرف تطلق على مدار الساعة أخبار كاذبة يتم اختيارها بعناية”.
ويعزي محمد سبب انتشار الشائعات إلى وجود “قصور حكومي في تمليك الرأي العام المحلي المعلومات الرسمية والتوضيحات الرسمية، فيما يتعلق بالأحداث التي تقع في البلاد”.
وأضاف لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن التمدد والانتشار السريع للشائعات “ناجم في الأساس عن التعتيم وغياب المعلومات الصحيحة”.
تجاهل مضر
من جانبه، يقول الكاتب الصحفي حيدر المكاشفي لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “الشائعات الخطيرة المنتشرة في السودان تعتمد في الغالب على أنصاف الحقائق، وتكبر مثل كرة الثلج ثم تتدحرج بين المنصات وتتحول إلى أخبار متضخمة تثير الرعب في بعض الأحيان”.
وينتقد المكاشفي تجاهل الجهات الحكومية لمعالجة الأسباب التي تؤدي إلى نشر الشائعات وعدم القيام بعمل إعلامي يبطل مفعول الشائعة، معتبرا أنه “أمر خطير قد يتسبب في وقوع أحداث غير متوقعة، ما لم تتصدى لها السلطات بنشر الحقائق كاملة”.
ويشير المكاشفي إلى أن “البيئة السياسية في السودان أصبحت أرضا خصبة للشائعات والأخبار المضللة، لتحقيق أجندة سياسية من مجموعات تحاول العودة إلى المشهد، أو أخرى لديها تطلعات”.
وتلاحق الاتهامات الجهات الحكومية بإخفاء المعلومات والحقائق وعدم تمليكها للرأي العام، مما جعل غالبية الصحفيين يلقون باللائمة على وزارة الإعلام.
وفي هذا السياق، يقول المكاشفي: “ينبغي نشر المعلومات سواء كانت سلبية أو إيجابية في نظر الحكومة، لتفادي أي ضرر يمكن أن يكون أكبر بكثير من ضرر الإخفاء”.
وتستهدف غرف الأخبار التي تنشر الشائعات، بحسب الأمين العام للمركز السوداني للتربية الإعلامية والمعلوماتية، مجموعات خصبة لتمرير الشائعات، خاصة تلك الفئات التي لا تملك القدرة على تكذيبها لعدم وجود وعي كاف للتحقق من المعلومة.
وينصح المركز بـ”إدراج أدوات التحقق من الشائعات في المناهج الدراسية، مثلما فعلت بعض الدول، لأن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت الأكثر استخداما للأجيال الناشئة، وباتت تشكل جزءا كبيرا من تفاصيل حياتهم اليومية”.
جهات مجهولة
وتستخدم جهات مجهولة غرف أخبار في السودان لضخ معلومات مضللة وأخبار كاذبة على المنصات الاجتماعية، مع تزايد عدد المستخدمين.
وتشير تقديرات المركز القومي للمعلومات التابع لوزارة الاتصالات السودانية، إلى أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد يقارب الـ10 ملايين، لدى أغلبهم حسابات على فيسبوك.
ويوضح مسؤول في المركز القومي للمعلومات، اشترط عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، أن عددا كبيرا من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في فيسبوك، تتخصص في إطلاق الشائعات والأخبار المضللة.
وقال لموقع “سكاي نيوز عربية”: “ظهرت خلال الفترة الأخيرة آلاف الحسابات المستخدمة من غرف موحدة لتدوين تعليقات سلبية في حسابات المؤسسات الحكومية، بغرض تشويه صورتها”.
وتابع: “عند التحقق منها بشكل أولي، كانت حسابات تدار من غرف واحدة بأسماء من دول آسيوية، يبدو أنها بيعت لأطراف سياسية من شركات سوداء متخصصة في تكنولوجيا المعلومات”.
واختتم المسؤول حديثه بالقول: “أسهل شيء في عالم اليوم هو أن تطلق شائعة على منصات التواصل الاجتماعي”.
سكاي نيوز