انما يصطاد الفلول الغنم القاصية

في تعليقه على دعوة حزب المؤتمر الوطني المحلول للحزب الشيوعي لسحب عضويته وولاته من حكومة (قحت) والالتحاق بالجبهة العريضة التي زعم أنها بدأت تتشكل في الشارع من أجل اسقاط الحكومة والتي وصفها الحزب المحلول بانهاعميلة متهما اياها بالارتماء في أحضان المجتمع الدولي وبيع ثروات السودان وخيراته، وصف القيادي الشيوعي كمال كرار تلك الدعوة بأنها (اصطياد في الماء العكر) وقد صدق، اذ ان الحزب المحلول بعد ان اغراه سوء الحال وضعف أداء حكومة الانتقال خاصة فيما يلي ملف الاقتصاد ومعاش الناس، بدأ في اخراج رأسه من الجحر الذي انزوى فيه بعد نجاح الثورة، وشرع في ممارسة تكتيكاته التي اشتهر بها خلال سني حكمه البئيس، وعلى رأسها العمل على شق صفوف الاحزاب واضعافها لمنع اصطفافها لمجابهته في جبهة عريضة، واحرز نجاحا ملحوظا فى هذا الهدف الخبيث، فما من حزب الا وانشق وتشظى الى مثنى وثلاث ورباع، وما من حركة حاملة للسلاح الا وانشقت الى اثنتين وثلاث وهكذا فعل فى القبائل والجهويات، فها هو الآن بدعوته البراغماتية غير المبدئية للحزب الشيوعي للاصطفاف معه ضد ليس فقط حكومة الفترة الانتقالية بل كل عملية الانتقال، يكشف عن أنه لم ينس شيئا ولم يتعلم شيئا ولم يتخلى عن مناوراته الرخيصة، فهو حين اطلق دعوته تلك كان يعلم علم اليقين ان الشيوعي لن يستجيب لها، ولكنه رغم ذلك امتدح الشيوعي وغازله عسى ان يلتهمه على طريقة (الذئب يأكل من الغنم القاصية)، غير ان الشيوعي القمه حجرا ورده على عقبيه خاسئا حسيرا..
ان كان من درس مستفاد من محاولة الفلول الاصطياد في خلافات قوى الثورة مستغلين حالة التشتت والتشرذم والتشاكس التي اعترتها، فهو ان الأوان قد حان أكثر من أي وقت مضى لوحدة قوى الثورة وتماسكها، ولن يتحقق هذا الهدف العزيز والمهم الا من خلال العمل المؤسسي وتعزيز روح العمل الجماعي والتضامني، وتجاوز الصراعات الشخصية والبينية وتصفية الحسابات الذاتية بين الافراد والاحزاب والكيانات والتنظيمات، اذن يجب ان تتجه جميع قوى الثورة صوب الاهداف العامة التي تعبر عن الثورة، ليس فقط لتحقيق اهداف الثورة وانما ايضا لسد كل المنافذ التي قد يتسلل منها أعداء الثورة الذين يحاولون الاصطياد فى الماء العكر، وهنا لابد ان تستذكر قوى الثورة وتستلهم روح تلك الملاحم الخالدة فى 6 ابريل واعتصام القيادة وما ادراك ما اعتصام القيادة الذي تجلت فيه اعلى درجات الايثار والصدق والروح الجماعية، و30 يونيو وما ادراك ما 30 يونيو تلك الملحمة التاريخية التي فرضت ارادتها الشعبية حين حاول العسكريون التلاعب بذيلهم، فلا سبيل للعبور بالفترة الانتقالية الى مرافئ النجاح والأمان الا بتمتين وحدة واصطفاف مكونات الثورة ومؤيديها وداعميها، فذلك هو الهدف الذي لا مناص من العمل على بلوغه عاجلا قبل آجل..

حيدر المكاشفي
صحيفة الجريدة

Exit mobile version