عبد الله مسار يكتب.. أمريكا ضد فلسطين وحرب الأحد عشر يوماً

معلوم أن اسرائيل دولة محتلة لأرض فلسطين أقامتها بريطانيا كوطن لليهود، وفقاً لوعد بلفور وهي دولة دينية قامت بدعم قوي من (الصهيونية المسيحية) وهي قوة قوية جداً في بريطانيا، وكذلك في أمريكا أكثر من (الصهيونية اليهودية) وأقدم منها وتدين بها أغلب النخب البريطانية والأمريكية، ولذلك إقامة وطن لليهود كان مع الحصول على الأرض هنالك دافع ديني، واغلب مؤيدي هذه الدولة من أستراليا وكندا كانوا توابع لبريطانيا.

وكان أغلب حكام الغرب الذين أقاموا الوطن لليهود متدينين يقرأون الإنجيل صباح مساء من درويلسون الى هاري ترومان وكذلك هارو ايكس وهو مسؤول في إدارة روزفلت.

دعم أمريكا لإسرائيل كان يقوم على الاعتقاد الديني قبل المنافع الأخرى، ولذلك استمر ومستمر طيلة الفترة السابقة. صحيح إن اللوبي الصهيوني في أمريكا كان له تأثير سياسي في الداخل الأمريكي ولكن التأثير الديني كان اكبر.

مع مرور الزمن وتغيُّر الأجيال، بدأ بريق هذا الدعم يخفو في امريكا وخاصة بعد التغيير الديمغرافي نتيجة لهجرة اعداد كبيرة من أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا وأخذهم الجنسية الأمريكية وقلة توالد البيض.

قامت هذه الحرب وفي امريكا حكومة ديمقراطية وهي خليط من أجناس مختلفة مواطنين وأعضاء في الكونغرس ومجلس الشيوخ، وكذلك في الإدارة وكثير منهم ليس لهم ولاء لاسرائيل، وليس هنالك اثر من اليهود عليهم، ولذلك ظهر تيار شعبي كبير مؤيد للفلسطينيين من ناحية إنسانية، وكذلك شعور أغلبهم ان اسرائيل دولة مغتصبة ومدعومة من دولتهم.

حيث تقدم لأول مرة في تاريخ امريكا ثلاثة نواب بمشروع يوقف صفقة سلاح امريكية لإسرائيل بمبلغ ٧٣٥ مليون دولار، وكذلك وقف نواب كثر ضد اسرائيل في الكونغرس بمخاطبة جهرية كالنائبات: الهام عمر ورشيدة طليب وايانا بريسلي، حيث خاطبن الكونغرس بمخاطبات ضد اسرائيل كدولة مغتصبة ووقفنَ مع الفلسطينيين باعتبارهم اصحاب حق وهم السكان الاصليون، وكذلك اعترضن على ان هؤلاء المواطنين يُضربون بسلاح أمريكي وَيُقتل به مدنيون فيهم نساء وأطفال تهدم منازلهم على رؤوسهم، ووقف في هذا الموقف نواب من البيض ومن الحزبين وهذه ظاهرة لأول مرة تحدث في أمريكا منذ قيام دولة الاحتلال وحدث هذا حتى في إدارة بايدن التنفيذية، وكذلك قامت تظاهرات كبيرة في أغلب مدن امريكا منددة بإسرائيل ومُتضامنة مع الفلسطينيين.

ولذلك اضطربت الإدارة الأمريكية وصار بايدن في وضع حرج جداً للموقف داخل أمريكا، ولذلك كان هناك ضَغطٌ شَديدٌ على نتنياهو.

الأمر الآخر خروج تظاهرات كبيرة في اغلب دول الغرب الأوروبي منددة باسرائيل ومؤيدة للفلسطينيين، وزاد من حسرة أمريكا والغرب الموقف البطولي للمقاومة الفلسطينية مقاتلين وشعباً، بل أذهلهم وحدة الفلسطينيين في أراضي ١٩٤٨ والأراضي داخل الخط الأخضر وكذلك في غزة والضفة، بل في الشتات.

أعتقد أن حرب الأحد عشر يوماً أحدثت تغييرا كبيرا لصالح الفلسطينيين رغم التضحيات التي بذلوها، بل أثبتت صمود وبسالة الشعب الفلسطيني، وكذلك أثبتت قوة وثبات المقاومة الفلسطينية، بل قدرتهم العالية جداً في تطوير سلاح المقاومة، كما احرجت هذه الحرب الحكام العرب، وأكدت تماسك الشعوب العربية والإسلامية، بل الشعوب في الإنسانية، أيضا أكدت تحقيق آيات الله في هذا الأمر، وأكدت أن الشعب الفلسطيني هو شعب الجبارين، وأكدت على صحة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في شعب بيت المقدس وأكناف المقدس.

ملاحظة أخيرة، إن هذه الحرب غيّرت مجرى القضية الفلسطينية، ووضعت القضية على الطاولة مجدداً، وأثبتت أنه لا يضيع حقٌ وراء مطالب.

الأمر الأخير، أثبتت أن لا أمن لاسرائيل بدون حل القضية الفلسطينية، بل أكدت أن هذه القضية حية لا تموت، ان هذا الجيل هو جيل عظيم.

كما أعتقد أن عددا كبيرا من الاسرائيليين سيغادرون فلسطين الى حيث جاءوا.

أخيراً.. شُكراً للمُقاومة وللشباب الفلسطيني وللطفل والمرأة الفلسطينية.

صحيفة الصيحة

Exit mobile version