أوردت عدد من المصادر تصريحات الناطق الرسمي للحزب الشيوعي والتي يعلن من خلالها اتجاه الحزب الشيوعي نحو إسقاط الحكومة الانتقالية، وبالتالي تحول الحزب الشيوعي من معارض للحكومة معترف بها كحكومة إلى حزب سياسي غير معترف بالحكومة ويدعو لاسقاطها، وينضم الحزب الشيوعي بذلك إلى الكيزان وبقية الناقمين على الحكومة الانتقالية من أصحاب الأجندة والمصالح المتضررة.
الاتفاق في الهدف المرحلي بين الشيوعيين والكيزان هو شيء طبيعي، فالحزبين الايدولوجيين يشبهان بعضهما، لا يستطيعان العيش داخل التحالفات، يريدان ان يقودا كل شيء وان يكونا في المقدمة او فلتحرق روما، لذلك قاما بالانقلاب على الديمقراطية الشيوعي في ١٩٦٩ والكيزان في ١٩٨٩، لذلك ليس متوقع منهما ان يعملا من أجل مصلحة الديمقراطية أو استقرار التبادل السلمي للسلطة، وسيعملا على إسقاط كل حكومة لا يشاركا فيها في موضع القيادة.
منذ انقلاب هاشم العطا تعرض الحزب الشيوعي لنكبات متكررة خاصة في ظل الديمقراطية الثالثة حيث خسر في الانتخابات بطريقة مذلة، وهو هذه الخسارة الضخمة في الانتخابات ضربة نجلاء لامال الحزب المسخن بالجراح والذي فقد صفوة قيادات صفه الأول باعدام النميري لهم، وظهر الشيوعي من يومها كحزب بعيد عن اشواق الشعب وعن قلوب الجماهير ، وهو السبب الذي دفع عددا من الأصوات القيادية لنقد الحزب والمناداة بالتغيير والإصلاح، ولكنهم ووجهوا بالحديد والنار، فاضطروا الى مغادرة الحزب زرافات ووحدانا ليس ابتداءا بالحاج وراق والخاتم عدلان ولا انتهاءا بالشفيع خضر، وربما هو ذات السبب الذي يجعل الحزب الشيوعي يعاني من صراع داخلي حقيقي بين تيار إصلاحي مرن وتيار كلاسيكي متزمت وجامد المواقف، وهو صراع ظهر للجميع في مشاركة الحزب في قحت وحكومة الشراكة وحديثه باكثر من لسان ثم خروجه من الحكومة، وهاهو يعلن إسقاط النظام وربما في الغد نسمع اصواتا أخرى من داخل الحزب تجدد الثقة في الحكومة الانتقالية وتطالب بالاصلاح وليس الإسقاط.
الحركة الإسلامية عانت كذلك من نفس الأزمة، أزمة الصراع بين مدرسة الإصلاح والمدرسة التقليدية المتزمتة، وهو ما قاد إلى انشقاقات متتالية في الحركة، وخروج كثير من الكوادر عن ادبياتها ومواقفها ووقوفهم امام مشروعها الحاكم، لدرجة أن قاتلها بعضهم بالسلاح، وقد نالت مدرسة الوقوف امام المخلوع وحركته اعجاب صف كبير من المواطنين، ووضح اثر هذا في رثاء رئيس وزراء الثورة دكتور حمدوك للفقيد الاسلامي الطيب زين العابدين، وهناك صف طويل من الأصوات الإسلامية الهوى من الكتاب والاعلاميين في مقدمة الداعمين للثورة وحكومتها، وهي دلالة على أن أبناء الحركة الإسلامية منهم من اعترف بخطأ الانقلاب وخطا قهر الأخر، ونادى داخلها بالإصلاح وحين سد الباب أمامه خرج عنها.
اليسار واليمين المتزمتين يشبهان بعضهما، هما صورتين متناظرتين لمفاهيم واحدة، مفاهيم يصعب عليها العيش في ظل الديمقراطية، يتعبها العمل السياسي الأخلاقي، ويرهقها تناقضها المستمر بين الولاء للوطن والولاء للايدولوجيا، وهذا بالضبط ما يجعلهما اليوم حليفين مثاليين في هدف اسقاط حكومة حمدوك رغم انها حكومة انتقالية عابرة جاءت بها ثورة شعب، وسوف تمضي اجلا ام عاجلا لانتخابات ديمقراطية، ولكن الانتخابات ليست خيارا محبزا لا لدى اليمين ولا اليسار، لذلك لا ينادون بالانتخابات لإعادة الحكم للشعب وإنما ينادون بالاسقاط ليقيموا حكمهم هم لا حكم الشعب ويطبقون اجندتهم هم لا أجندة الوطن
صحيفة الانتباهة