مقالات متنوعة

كانت وستظل عرجاء !!

العرجاء التي اتحدث عنها هي العدالة وهي الركن الثالث في ثالوث شعار ثورة ديسمبر وفي تقديري الشخصي هي الركن الاساسي والاهم فلا حرية بدون عدالة ولا سلام بدون عدالة .
ومهما نسجت الاحاديث والتفسيرات والقصص الوهمية والبطولات الكاذبة حول الطريقة التي تمت بها إقالة رئيسة القضاء وقبول استقالة النائب العام .فمنهم من ذهب الى ان البرهان قطع زيارته لباريس وعاد على عجل ليلحق بنائبه الذي اتخذ قرار اقالة رئيسة القضاء وقبول استقالة النائب العام في غياب البرهان ويصورون الأمر وكأن حميدتي قد اتخذ قرارا فشل البرهان في إتخاذه وانتهز فرصة غياب الاخير ليسجل هدفا تاريخيا في مرمى تاريخه النضالي المزعوم .

وعضو السيادي الفكي يصر اصرارا غريبا في تصريحاته ويؤكد ان النائب العام تقدم بإستقالته اكثر من مرة وفي هذه المرة كان أكثر اصرارا !!! كلام غريب مع عضو مجلس سيادة دفع به الثوار لهذا المنصب فتهوط في كرسيه وقال ما قاله ويا للعجب ويا لقسوة اقدارنا مع هؤلاء .

وبدأت الترشيحات عبر الميديا وظهرت بعض الاسماء المتوقعه لتولى حقيبة النائب العام وكالعادة ومع ظهور بعض الاسماء تظهر معها كتابات مضاده حول الماضي الاسود لهذا المرشح وخلفياته الكيزانية وعلاقاته المتشعبه مع النظام السابق ونظل ندور حول ذات الحلقة .
ولا أحد يسأل ولا حتى لديه مجرد الرغبة في استنكار وشجب ورفض الطريقة التي يتم بها تعيين النائب العام او رئيسة القضاء . واذا تم تعيين النائب العام او رئيس للقضاء بذات الطريقة التي تم بها تعيين الرئيسة المقالة او النائب العام المستقيل فكأنك يا زيد ما غزيت !! وكل الذي سيحدث اننا سنخرج من ( حفرة) لنقع في ( حفرة) اخرى ربما تكون أعمق من الاولى واشد تعقيدا وستظل العدالة عرجاء ولن ينصلح الحال مهما كانت الاسماء التي ستتولى قيادة ملف العدالة في الفترة المقبلة اسماء لها شأنها واسماء نزيه فلن ينجحوا في تعديل كتف العدالة المائل .

وكل الذي نعاني منه وسنعاني منه مستقبلا هي تلك الثغرات البينة في الوثيقة الدستورية والتي سكب الذين صاغوها عصارة جهدهم وخبرتهم في ( اللف والدوران ) والمرواغة حتى يجدوا مخرجا لكل مادة وضعوها في هذه الوثيقة وجاء اهل الجبهة الثورية ليكملوا ( الناقصة) وتعلن اتفاقها مع الحكومة الانتقالية ان بنود اتفاقية جوبا تعلو على مواد الوثيقة الدستورية . هذه الوثيقة التي لا يقلبون موادها الا عند الحاجة لوضع كوابح لايقاف قطار ثورة الشباب .

هذه الوثيقة التي تعطي الحق لمجلس السيادة في تعيين رئيس القضاء في حال تعذر تكوين مجلس القضاء الاعلى وكذلك تعيين النائب العام في حال عدم تكوين مجلس النيابة الاعلى . وأعجب ما في هذه الوثيقة انني لم أجد بندا فيها يشير الى اي حق لمجلس السيادة في إقالة رئيس القضاء . فبأي قانون اتخذ مجلس السيادة قراره بإقالة رئيسة القضاء ( أفتونا يا اهل القانون ) .

كان على مجلسي السيادة والوزراء اذا كانوا بالفعل حريصين على بسط العدالة كان عليهم التحرك فورا لاعادة الحق لاصحابه وإجازة قانون مجلس القضاء الاعلى والموضوع فوق منضدتهم منذ اكثر من عام حسب أفادة رئيسة القضاء المقالة او تعديله اذا لزم الامر وتوجيه جهات الاختصاص في الدولة بسرعة انجاز قانون تكوين مجلس النيابة الاعلى ايضا بجانب قانون مجلس القضاء الاعلى وعدم الشروع في تعيين اي رئيس للقضاء او نائب عام الا بعد تكوين مجلسي القضاء والنيابة الاعلى وترك اختيار رئيس القضاء والنائب العام لهذين المجلسين . وبعد تكوين مجلس القضاء الاعلى ستتكون المحكمة الدستورية العليا وبطريقة تلقائية من مجلس القضاء الاعلى .

واي حديث خلاف ذلك اعتبره ذبح للعدالة ومن الوريد الى الوريد وستظل العدالة عرجاء وسنظل ندور حول نفس الحلقة الجهنمية . ولن تنزل علينا ملائكة من السماء لتعديل وضعنا العدلي .. يا رئيس السيادة …يا رئيس الوزراء ..يا وزير العدل .. يا قوى الحرية والتغيير…يا مجلس شركاء الحكم .. يا احزاب سياسية .. لن تكون هناك اي عدالة للفترة الانتقالية بدون اختيار رئيس للقضاء من مجلس القضاء الاعلى ونائب عام من مجلس النيابة وتكوين محكمة دستورية عليا .

اللهم بلغت ..اللهم فأشهد

صحيفةالتحرير