البائسون لم يحتجوا ضد الحكومة في السودان فقط بل ذهبوا ليحتجوا عليها في باريس!! ذهبوا ليحتجوا أمام مؤتمر يهدف لتخفيف ديون السودان!! من أين جاء هؤلاء!! كنت مكذبا لهذا الخبر حتى جاءني البعض بالادلة الدامغة، هناك بعض الممتلئين قيحا وصديدا من أبناء السودان المقيمين في فرنسا ومن حولها، طلبوا من سلطات فرنسا السماح لهم بالتظاهر في محيط مقر انعقاد مؤتمر باريس من أجل التشكيك في الحكومة الانتقالية!! بالطبع رفضت لهم الحكومة الفرنسية هذا الطلب، الفرنسيون اصبحوا سودانيين أكثر من بني جلدتنا من الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب.
ليس في الأمر اي مس بسيادة السودان ان تقيم فرنسا او اي دولة في العالم مؤتمرا من أجل دعم السودان بعد الثورة، ومن أجل إعفاء ديون السودان ومساعدته على جذب الاستثمارات، فالسودان الراهن يمثل صديقا دوليا ودولة ملتزمة بالقانون الدولي، بعد ثلاثين سنة من وجود نظام حكم مارق في السودان، يعادي الجميع داخل وخارج السودان، والنموذج الذي قدمه السودان في الثورة السلمية التي اقتلعت نظام الإسلاميين هو نموذج مشجع ومثال للدول من حوله، وتجربة كثورة ديسمبر لابد أن يحتضنها العالم ويساعدها في قطع المسافة المتبقية من الشوط، حتى وصول البلاد إلى شواطيء الديمقراطية والحرية والسلام.
ليس مهما كم قيمة المال الذي سيأتي عبر مؤتمر باريس، بقدر ماهو مهم ان يستعيد السودان ثقة المجتمع الدولي، ويطرح على العالم امكانياته وشراكاته المرجوة، فالامر كما في اي سوق، ليس مهما للتاجر الجديد ان يكسب مالا مباشرة بقدر ما يهمه أن يكسب ثقة الجمهور وثقة العاملين معه والتجار من حوله. لا يمكن الأستهانة بالجهد المبذول من قبل الحكومة الانتقالية والرؤية الاقتصادية الواضحة التي تبنتها الحكومة الانتقالية منذ تسنمها السلطة وقيادة الوزير السابق الدكتور ابراهيم البدوي لوزارة المالية، هذا المسار الواحد للسياسة الاقتصادية والوفاء المضطرد بمطلوبات البنك الدولي يدعم بقوة موقف السودان واستحقاقه لاعفاء ديونه واستقطاب أموال وشراكات تسثمر في استخراج إمكانيات وموارد السودان الضخمة.
نجح المؤتمر في يومه الاول، وأصابت البعض (السهراجة)، خاب أمل الذين يقللون من شأن المؤتمر او يدعون لفشله، خاب امل الباحثين عن التظاهر في باريس، وخاب امل الباحثين عن التظاهر في الخرطوم ضد الوفد، ونجح الوفد بشبابه وشيابه في تمثيل السودان، وزادت مساحة الأمل في الغد وبدأ يظهر ثمة ضوء في المستقبل، فلنمضي نحوه، فنحن بالتأكيد (قدامنا الصباح).
صحيفة التحرير