في أهم خطوة شهدتها الساحة السياسية منذ التوقيع على الوثيقة الدستورية انعقد بدار حزب الأمة القومي اجتماعا ضم عدد ٢٠ جسما من القوى والأحزاب السياسية، ناقش الاجتماع تحديات الفترة الانتقالية ومشاكل الحكومة على ضوء أحداث ٢٩ رمضان، ويمكن القول أن هذا الاجتماع مثل اختراقا مهما جدا ونقلة نوعية على صعيد العمل المشترك بين أحزاب الثورة وقواها، وإذا احسن إدارة هذا اللقاء وما بعده بما يحقق تطلعات الجماهير والثورة فإن المستقبل القريب موعد بعمل عظيم من هذه القوى السياسية المدنية.
طالبنا كثيرا بإصلاح قوى الحرية والتغيير وتوسيعها وعملها في شكل منظومة واحدة، من أجل تقوية الشق المدني الذي ظهر ضعيفا جدا في الأداء في مقابلة الشق العسكري، وهذا الاجتماع يمثل مدخلا مهما في هذا الاتجاه، الكثيرون نادوا بهذا الإصلاح وبمثل هذا اللقاء، وقد أعتقد الجميع ان التئامه ضربا من الخيال او مستحيلا كالعنقاء والخل الوفي، ولكن هاهو يحدث اخيرا، قد يعتبره البعض متأخرا، ولكن أن تأتي متأخرا خيرا من ان لا تأتي.
الاجتماع خلص إلى نتائج وثمرات مهمة جدا منها، قدمت مقترحات لإصلاح الحاضنة السياسية، وهذا موضوع مهم جدا وتأخر كثيرا ولكنه سيظل على الدوام مطلوبا بشدة في اي وقت حدث. الدعوة إلى تسريع تحقيق العدالة للشهداء، وهنا يجب التذكير بأن ما حدث في ٢٩ رمضان وسقوط شهداء في ظل حكومة تشارك فيها هذه القوى السياسية كان صدمة ضخمة لها وادخلها في ورطة عظيمة، وقد يكون هذا الاجتماع نفسه وبهذا الحضور الضخم نتيجة طبيعية لما حدث، ولشعور الشق المدني بأنه قد تعرض للغدر وربما طعن من الخلف، لذلك كان هذا الاجتماع في وقته تماما لارسال رسالة بليغة للعسكر بأن الشق المدني قد عاد، وأن الأيام القادمة ستظهر منه وجها اخرا يحقق التوازن الحقيقي داخل كابينة القيادة في الحكومة.
من نتائج الاجتماع اتفاق القوى السياسية على تطوير إعلان الحرية والتغيير وتوسيع قاعدة المشاركة في قواه وإعادة هيكلتها والعمل على وَحدة جميع قوي الثورة الحية، وهو مطلب ثوري بامتياز ظل يدعو له الجميع، خاصة وأن قوى الثورة مثل لجان المقاومة وأسر الشهداء وغيرهما غير ممثلين داخل هذه القوى. الاجتماع كذلك ناقش ضرورة السعي الجاد لتكلمة هياكل السطلة الإنتقالية، وتقوية المكون المدني بمجلس السيادة واستعادة التوازن داخله.
الاجتماع خلص إلى تنفيذ ورشة عمل عاجلة لوضع تصور للإصلاح السياسي، مع تشكيل لجنة لجمع مقترحات القوى السياسية حول المبادرة ودمجها في ورقة موحدة وتقديمها للاجتماع الموسع الذي سينعقد الجمعة القادم عبر لجنة تم تكوينها من الإجتماع، وهكذا يظهر ان الاجتماع انتهى إلى نهايات عملية موضوعية ولم ينفض عبثا بل انفض بعد وضع جدول عمل ليعاود الجميع الاجتماع في الجمعة القادمة والتي ربما تكون مفصلية في الشأن السياسي السوداني من خلال نتائج اجتماعها المرتقب.
ندعم بشدة هذا الاتجاه الحميد والصحيح الذي يجمع القوى المدنية للثورة من أجل مراجعة المسار وتصحيح الأخطاء وتجويد الأداء والخطو معا بصورة موحدة من أجل ما يفيد الوطن ويحقق أهداف الثورة، هذا الاجتماع لوحده سيرسل رسائل داخلية وخارجية مهمة، وسيعلن عن ميلاد قوى الثورة المدنية الموحدة والمتعاونة من أجل العبور بالوطن نحو الديمقراطية المستدامة.
صحيفة السوداني