في نفس هذا الوقت قبل ثلاثة عشر عاماً، نفّذت حركة العدل والمساواة بزعامة الشهيد دكتور خليل إبراهيم محمد، عملية الذراع الطويل التي دخلت بها إلى العاصمة السودانية الخرطوم قاطعة مسافة أكثر من ١٥٠٠ كليو متر من نواحي منطقة أم جرس التشادية مروراً بوادي هور وجبل عيسى ووادي عشر بمناطق الميدوب والختامية وسودري بمناطق الكبابيش وصولاً إلى أمدرمان، حيث اشتبكت القوى المُهاجمة بدفاعات النظام البائد وكسرتها وتقدّمت إلى أن وصلت كوبري الإنقاذ وفتكت بالسياج الأمني للعاصمة، وحقّقت حركة العدل والمساواة أهدافها السياسية ونالت شُهرة واسعة بانتشارها إعلامياً، وكانت حركة العدل والمساواة قد ساندت الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي في دحر المعارضة التشادية المتهمة بأنها صنيعة الحكومة السودانية.
وكانت الخرطوم قد اتّهمت الحكومة التشادية بتسليح العدل والمساواة وتقديم دعم مالي لها بما يُقدّر بمليون يورو، ووصف النظام السابق العملية بالغزو التشادي والثوار بالمُرتزقة، وشن جهاز الأمن والمخابرات السابق حملة اعتقالات عشوائية وانتقامية وتركّزت على أبناء دارفور خاصةً الناشطين بالعاصمة، واستغلت عناصر وقيادات المؤتمر الوطني المحلول العملية وقامت بتصفية الحسابات مع خصومها، وقد اُعتقلنا دون ذنب جنيناه بتهمة الانتماء للعدل والمساواة التي لم نكن في يوم من الأيام أعضاءً فيها.
وهي حركة قامت على كوادر من ذوي الخلفية الإسلامية، وغلب على قياداتها الانتماء القبلي، فالمنطق ألا نُكون جزءاً منها بحكم الواقع، إلا أنّ فلول النظام المباد كانت لنا بالمرصاد خاصةً والي شمال دارفور وأجهزته، ولاحقاً عرفنا المعلومات، حيث كان الجهاز يُستغل بتصفية الحسابات الخاصة، ومثال حي اعتقال إبراهيم حقار من جبال النوبة نتيجة خلاف شخصي مع كادر أمني وامرأة طرف، وأجزم أن إبراهيم لا يستطيع ذكر ثلاثة أفراد من حركة العدل والمساواة، ولا يعلم أن إبراهيم الماظ مسيحي أم مسلم، شمالي أو جنوبي؟ عموماً أطلق سراحه بعد أكثر من أسبوع تعرض خلاله للتعذيب والضرب، ومثله كثر، ومعتقلو الخرطوم من المدنيين وليست لهم أي صفة عسكرية كالمحامي محمد أحمد الكلس الذي وقف صامتاً وصامداً وتحمّل التعذيب بكل شجاعة وثبات وهو يومها كان موظفاً بالسلطة الانتقالية، وكذلك الأستاذ عز الدين شاوة القيادي بحركة مناوي التي كانت جزءاً من السلطة وابن عمه ديار، والأستاذ عبده هاشم المستشار بالسلطة الانتقالية وهو قيادي في حركة مناوي الموقعة على أبوجا وجزء من حكومة البشير وهو شقيق القيادي بحركة العدل والمساواة المحكوم بالإعدام سابقاً والمحامي حالياً محمد هاشم الشهير بمحمد بنكي.. كان عناصر جهاز الأمن أكثر تركيزاً معه، وهو من المؤمنين جداً ببرنامج العدل والمساواة ويتميّز بالشجاعة والصبر والثبات والعزيمة، وقف فوق رأسه صلاح قوش مُندهشاً على ثباته هو ورفاقه اللواء إبراهيم الرشيد علي من ولاية غرب دارفور والسلطان إبراهيم أبكر هاشم من محلية كلبس وكان محافظاً في عهد الإنقاذ وبرلمانياً سابقاً، ولما كان هدف معظم كوادر المؤتمر الوطني التشبث بالمواقع والمناصب يتساءلون (زول قيادي بالحركة الإسلامية ماشي تتمرد وانت كنت محافظ …الخ).
ومن ثم تم جمع أكثر من مائتي مواطن من سوق ليبيا بمناطق متفرقه من العاصمة في هنكر كبير بالأمن السياسي ببحري، منهم المحامي آدم إسحق عبده والمحامي عبد الشكور هاشم درار والمهندس صالح عبد الله رغم أنه صديق البشير ومؤسس للإنقاذ ومجموعة كبيرة من الطلاب والشباب خاصةً من الزغاوة الكوبي أمثال بحر من سوق ليبيا الذي أطلق عليه العميد أمن أحمد عوض السيد وزير مالية الغزو.
وأحمد عوض السيد هو مسؤول المعتقلات في ذات الزمان وعثمان أبو شنب من الأمن السياسي وآخرون، والآن عدد كبير من الذين شاركوا في عملية الذراع الطويل ضباط في قوات الدعم السريع بذات الشجاعة والجسارة كالقائد علي وافي شار ورفاقه الذين انتصروا للعدل والمساواة في كل المعارك التي خاضوها في طول البلاد وعرضها. أذكر في المعتقل المُقاتل الصادق الحمري من غرب كردفان الذي كان يبشر بدخول قواتهم إلى القصر الجمهوري وهو فوق كوبري الإنقاذ، وتعرفنا على عدد كبير من المعتقلين خاصةً من ولاية غرب كردفان أمثال أنور ود ابوك الذي أُعدم وعيسى حميدان بتاع اللايفات الآن وفيصل فاشر ودوسة ورزيقات غرب دارفور عمنا رجل الأعمال موسى إسحق وفضل الله محمد وحمدان المحمودي وهو رجل بسيط تاجر مشعمات ومحمد المعتصم المسيري وخالد بركة من النهود وتظل هذه الذكرى في البال والخاطر إلى أن يرث الله الأرض.
صحيفة الصيحة