تشاد هي الجارة الغربية للسودان وهي دولة فيها تداخلٌ سكانيٌّ كبيرٌ مع السودان، وحتى في مجال التجارة تستعمل ميناء بورتسودان، وهي دولة كانت مُستعمرة فرنسية ولها علاقات مُميّزة مع فرنسا، بل توجد قاعدة عسكرية.
حكم المارشال إدريس ديبي له الرحمة والمغفرة تشاد منذ ١٩٩٠م، وأجرى ستة انتخابات رئاسية، تسيطر على الحكم قبيلة الزغاوة مع تحالفات أخرى.
أدار إدريس تشاد بطريقة حافظ على وحدتها شمالاً وجنوباً، بل كان ممكناً أن يتم في تشاد ما تم للسودان من انفصال جنوبه عن شماله.
الحكم في تشاد كله يقوم على الصراع المباشر والقتال بين المعارضة والحكومة واغلب التغيير في تشاد مدعوم من الخارج.
وهذا ما تم حتى عندما استولى إدريس على البلاد في ١٩٩٠م وأطاح بحسين هبري وهو قرعاني، وأغلب الصراع في تشاد على السلطة يتم من خمسة مكونات رئيسية وهي القرعان والزغاوة والعرب والوداي وهم البرقو وقبائل الجنوب على رأسها السارا، ولكن أغلب القتال يتم بين المجموعات الأربع الأولى في شكل تحالفات مختلفة من تمبلياي مروراً بجوكوني عويدي وحسين هبري حتى إدريس ديبي.
وكل هذه التغييرات تتم بتأثير خارجي، وفرنسا لها القدح المعلى في ذلك، وخاصة وأن التداخل القبلي بين تشاد والسودان كبير جداً.
مقتل الرئيس إدريس لا يخلو من مُؤامرة خارجية وخاصة بعد علاقاته مع الصين وروسيا.
بعد موت الرئيس إدريس لن تستقر تشاد ودوائر الصراع العالمي فيها كبيرة رغم وجود القاعدة الفرنسية بها، ولكن أعتقد أن أمريكا وفرنسا وإيطاليا والصين وروسيا ستتصارع في تشاد في المرحلة القادمة، وخاصة أنّ أفريقيا صارت مناطق نفوذ مختلفة، تشاد كانت منطقة نفوذ فرنسي، أعتقد الأمر في تشاد لن يستقر كذلك وخاصة لوجود البترول، ووجود اليورانيوم في النيجر.
عليه أنّ النزاع في تشاد سوف يكون كبيرا وتُؤجِّجه المحاور التي ذكرتها.
المُعارضة التي تُقاتل في شمال تشاد قادمة من ليبيا وأغلبها كانت تقاتل مع حفتر، مؤكد تكون منظمة ومنتظمة في واحد من هذه المعسكرات.
في الداخل، هنالك تململ كبير وخاصة في منطقة أم التيمان، بل جرى صراع قبلي كبير في الأيام الماضية وهذا الصراع قد يتطور ويتمحور إلى الانضمام لتوزيعات القوى الكبرى.
اختيار مجلس عسكري يخالف الدستور التشادي الذي ينص في حال خلو منصب الرئيس يتولى الرئاسة رئيس البرلمان وتُجرى انتخابات رئاسية في غضون ثلاثة أشهر، كما لاحظت أن المجلس العسكري الحاكم لم تشترك فيه كل القبائل وهذا أيضاً محل صراع جديد.
على العموم، تشاد بعد إدريس ديبي مضطربة ومصيرها غامضٌ، وقطعاً لن تنعم بالاستقرار إبان حكم الرئيس إدريس، رغم ما عليه من مآخذ، ورغم تضجر كثير من التشاديين، ولكن حافظ على وحدة تشاد أرضاً وشعباً، كذلك متوقع تحرُّك غير المسلمين والطمع في الحكم وخَاصّةً لو تحرّكت معهم الدوائر الغربية.
إذن أمر تشاد مضطرب وسوف يؤثر على استقرار السودان وقد يحدث تغيير في أفريقيا الوسطى، يجب أن يتحسّب السودان لذلك على أحسن الأحوال نزوح إليه إن لم تدخل فصائل تحمل السلاح.
كما على السودان أن يستعجل في إرجاع اللاجئين إلى السودان لأنهم على أقل تقدير يكونوا في أماكن استقطاب.
نسأل الله تعالى للرئيس ديبي الرحمة والمغفرة وعزاؤنا لأسرته الصغيرة لتشاد وشعبها ولكل من له صلة داخل وخارج تشاد ولمن له صلة في السودان.
(إنا لله وإنا إليه راجعون)
تحياتي
صحيفة الصيحة