مقتل إدريس ديبي؟

(١) تطورات ما بعد رحيل الرئيس التشادي إدريس دبي إتينو ذات أهمية بالغة، وربما تفسر ما جري ومآلات الأحداث..
وأول الأسئلة : لماذا لم يتم إتباع النص الدستوري ، وتم تشكيل مجلس عسكري إنتقالي؟
وثاني الأسئلة : لماذا صمتت فرنسا على هذا الخرق الدستوري، بل لماذا بدأت ردود الأفعال الدولية والإقليمية ذات موقف خافت وخجول؟
لقد تم تشكيل مجلس عسكري إنتقالي لمدة ١٨ شهراً، مع حل البرلمان والحكومة ، وهذه ترتيبات تخالف الدستور ، والذي ينص على أن يتولى السلطة رئيس البرلمان، ولمدة ٤٥ يوماً ومن بعد ذلك تتم الدعوة لإنتخابات عامة.
كما أن سلاسة الإجرءات وسرعة إيقاع الأحداث، في ظل دولة تعاني تجاذبات أمنية، وحضور اجنبي مؤثر في تفاصيل الحياة السياسية في البلاد وبالخصوص في الجانب العسكري، تشير إلى جهة ما تقود الحدث بتريث.
ووفق التفاصيل المعلنة، فإن ما يجري هو (سيطرة عسكرية على حكم مدني، أي إنقلاب عسكري).. فما هي ردة الفعل الأممية والإقليمية؟
ونتذكر أن الإتحاد الأفريقي جمد عضوية السودان في أبريل ٢٠١٩م ولم يصدر عنه أي موقف واضح حتى الآن، مع ان موسى الفكي يقود المنظمة الأفريقية، وهناك إنتقادات دولية لما جري في ميانمار وسيطرة الجيش على السلطة.. فلماذا تم الصمت على ما جري في تشاد، واكتفت فرنسا فقط بالدعوة إلى (إنتقال سلمي) والإتحاد الأوربي بضبط النفس وانتقال سلمي وتنظيم إنتخابات، وكل هذه الإشارات مجرد (تمرير لما جري والموافقة الضمنية على الحدث)..
فهل كان حدث الوفاة فصل ختامي لمشهد درامي؟
(٢)
من الواضح أن فرنسا لم تكن راضية عن الرئيس التشادي إدريس دبي، وقد بدأ في فتح البلاد لإستثمارات أجنبية، وتوافد شركات صينية..
وشكلت العمليات العسكرية تحديداً كبيراً لمستقبل الحياة السياسية في تشاد، وذلك من خلال إستقطاب مكونات قبلية جديدة، ومع إعلان فوز ديبي بفترة رئاسية جديدة ومع انسحاب اغلب الأحزاب السياسية فإن فرص بقاء الرئيس ديبي ذات كلفة سياسية عالية.
كما أن التوتر العسكري، سيخلق واقعاً معقداً في منطقة تعاني من سيولة أمنية، في ليبيا والسودان وأفريقيا الوسطى، مما يقتضي إعادة ترتيب احجار الشطرنج..
كل هذه الإشارات تشكل نقاط ضرورية، وربما تفسر حقيقة ما جري..
(٣)
ولهذا الحدث تداعيات مهمة على السودان، لسببين مهمين :
أولاً: هناك علاقات مترابطة، ليس إجتماعياً فحسب، وإنما مصالح ذات جذور واجندة ومجموعات والمكونات، ورحيل إدريس ديبي سيؤدي إلى خلخلة هذه الصلات، على الأقل لفترة مؤقتة، لقد كان للسودان تأثير على ما يجري في تشاد، وكان لتشاد ومازال تأثير لما يجري في السودان، وأي حدث سيكون له أثر على الجانب الآخر..
وثانياً : فإن غياب شخصية في حجم الرئيس إدريس ديبي، سيخلق حالة من عدم الإستقرار هناك، وقد يشكل ذلك تهديداً أمنياً للسودان بحكم الجوار، وما جري سيدفع بالمعارضة للضغط على نظام الحكم الجديد، وهذا مؤشر سالب ومقلق..
ومجمل القول إن ما جري يقتضي قراءة جديدة في جيوسياسة المنطقة، ومطلوب من الحكومة السودانية إتخاذ تدابير ذات طابع عسكري وأمني، وقيادة مبادرة سياسية تجعل للحكومة السودانية طرف وتأثير على ما يجري..

د. إبراهيم الصديق على

Exit mobile version