بل أكبر
تاجنا الابقى وتندك العروش
ولمن ولى حديث يؤثر
ولمن ولى حديث يذكر
(صلاح أحمد ابراهيم)
(1)
رمزية الإفطار الذي نظمه بعض شباب الحركة الإسلامية في الرابع من رمضان والذي سبقته حوارات ومراجعات عميقة بين كيانات الاسلاميين ينم عن استعادة قاعدة الإسلاميين الثقة في ذاتهم والانتقال من مرحلة صدمة سقوط التجربة وبناء إرادة واثقة وصلبة تشكل نواة لوحدة التيار الإسلامي الوطني، بفكر جديد، وقيادة جديدة، وسلوك سياسي جديد لمواجهة تحديات المرحلة الوطنية الحرجة ،وتكاثف حالة تكاثر الزعازع وتناقص الاوتاد وبعث التيار الإسلامي الوطني في تنظيم سياسي متجدد حتما سيضفي حيوية وتوازن على المشهد السياسي الوطني، وحصانة لمشروع الثورة السودانية من الانحراف والجنوح للاستبداد تماهيا مع رغايب قوى الردة الثورية في الداخل والخارج، بل فإن وحدة التيار الإسلامي الوطني واستعادة دوره الطليعي في الساحة السياسية الوطنية هي الضامن لوحدة السودان والعاصم من الوقوع في أتون صراع الهويات القاتلة
(2)
كذلك فإن رمزية الإفطار تنم عن استعادة الإسلاميين التصالح والتلاحم مع المجتمع السوداني مصدر مشروعية حركة الإسلام بعد أن ذهبت السكرة الثورية وحضرت الفكرة وميز هذا المجتمع الذكي الخبيث من الطيب، وتبين له أن قوى الحرية والتغيير لا تملك رؤيا او مشروعا أو خططا برامجية لإدارة الدولة السودانية، فقد أدرك انهم محض مجموعة من الناشطين لا تمسك من ادوات السياسة وفقه الحكم إلا كما يمسك الماء الغرابيل اختزلوا قيم وشعارات الثورة في مغانم ومحاصصات، وتعازلوا عن التيارات الشبابية التي صنعت الثورة بالدم والدمع الثخين، ولم تفكر كيانات قحت في طرح أفكار ملهمة وجاذبة لاستيعاب شباب الثورة السودانية في أحزابهم لأن ذلك يعني طرح أسئلة انعقاد المؤتمرات، وتجديد القيادات وبناء الاحزاب المؤسسية، ونبذ الطائفية وأحزاب الأسر وبناء الاحزاب الحديثة والتي هي عماد التحول الديمقراطي المستدام
(3)
ان المخزي وبعد مرور أكثر من عامين للثورة السودانية لم ينظم اي حزب سياسي في تحالف قحت مؤتمراته القاعدية وصولا للمؤتمر العام وانتخاب هياكل تنظيمية وقيادات جديدة، بل ولم تفكر هذه الأحزاب الهلامية في طرح برامجها والتواصل مع المجتمع في المركز والولايات استعدادا للانتخابات القادمة ، بل طفقت في استمراء تمديد الفترة الانتقالية وهي لا تدري ولا تدري انها لا تدري ان تمديد الفترة الانتقالية سيناريو محكم حبكته قوى الثورة المضادة في الداخل والخارج لخنق مشروع الثورة السودانية بإنتاج الأزمات الاقتصادية والسياسية والهوياتية،مع استمرار حالة الشرخ الوطني وسيادة عقلية الثنائية العقيمة (نحن صناع الثورة)و(هم ضد الثورة) ومنع أي اتجاه لتشكيل كتلة وطنية تاريخية حول أهداف الثورة ومهام الانتقال الديمقراطي المستدام، حتى إذا استيأس المجتمع السوداني وزهد في الثورة انتفض من جديد ملتمسا الخلاص في مستبد جديد، أو تستمر هذه الملهاة الوطنية حتى تنتهي ولاية الرئيس الأمريكي الديمقراطي جو بايدن الداعم الاستراتيجي للانتقال الديمقراطي في السودان، وربما يعود الرئيس السابق دونالد ترامب للحكم من جديد ليكتمل سيناريو وأد واجهاض الثورة وصعود مستبد جديد بدأت ملامحه في التشكل من خلال تسويق ذاته خارجيا بطرح قضايا تتماهى مع اجندة المحاور الخارجية، وتتناقض مع مهام المرحلة الانتقالية والوجدان المجتمعي السوداني كقضيتي التطبيع مع إسرائيل، وفصل الدين عن الدولة. ان التاريخ السياسي الوطني يؤكد أن المجتمع السوداني محصن من غاشيات العلمانية، واللادينية السياسية، ومحصن ضد الارتكاس والاختراق من الأجندة الخارجية، والتاريخ السياسي ينبئنا أن اي حاكم مستبد اتكأ في حكمه على القوي الخارجية كان مصيره السقوط المذل.
(4)
ان التحدي الذي يواجه التيار الإسلامي الوطني العريض استعادة الثقة بينه وبين صناع الثورة الحقيقيين لا المجازيين وذلك بإدارة حوار عميق ومستمر مع كل الشرائح الثورية الحية (الشباب، الطلاب، المرأة، لجان المقاومة، شباب الأحزاب) وذلك لبناء أكبر قاعدة سياسية واجتماعية أهدافها الاستراتيجية حماية مشروع الثورة من قوى الردة الثورية في الداخل والخارج، والضغط على القوى السياسية المدنية بغية تشكيل الكتلة التاريخية الوطنية الكبرى للتوافق حول مهام المرحلة الانتقالية، وإدارة عملية الانتخابات القادمة بالديمقراطية التوافقية، واستمرار روح الشراكة والتوافق حتى يرسخ ويتمأسس المشروع الوطني الديمقراطي المستدام
صحيفة الانتباهة