محمد عبد القادر سبيل يكتب لترويض جموح إثيوبيا

لن يجدي أيُّ سد مائي، ولن ينتج كيلو واط واحد؛ مالم يتدفَّق الماء – بكميات كبيرة – إلى منفذ آمن ورحب يستوعب (العادم)، بعد إتمام عمليات الإنتاج.

وفي حالة سد النهضة فإنَّ أراضي السودان – وحدها – هي التي توفر ذلك الوعاء الرحب بمخلفات عملية التوليد، وهذا لعمري دور غاية في الخطورة والأهمية يتم تجاهله بلا مبرر.

من أجل ذلك ولإبراز دور السودان في تحمل عبء الأمن المائي لإثيوبيا ومصر معًا، أقترح أن تتقدَّم حكومة السودان إلى محكمة العدل الدوليَّة، ومجلس الأمن والاتحاد الأفريقي؛ وإلى الحكومة الإثيوبية مباشرة بطلب رسمي، يقضي بضرورة وقف توجيه مخلَّفات مياه سد النهضة إلى داخل البلاد دون إذن أو اتفاق مسبق، لما تسببه تلك المياه الهادرة التي تديرها إثيوبيا – وحدها وعلى ( كيفها) – من تهديدات تحيق بأرض وشعب السودان لحظة بلحظة، دون أن تقدر إثيوبيا خطورتها، إذ تنشئ السد العملاق على تخوم الحدود السودانية، بعيدًا عن شعبها وأراضيها الزراعية. وتتجلَّى تلك التهديدات فيما يلي على سبيل المثال لا الحصر:

1/ تصر إثيوبيا على الاحتفاظ بحقها السيادي في استغلال مياه النيل الأزرق – كملك حر – بينما تتغافل عن الحق السيادي للسودان في توفير المنفذ لمياه السد من عدمه بما يشكل عدوانا مقصودًا ومنتظمًا.

2 / تحكم إثيوبيا وحدها في تلك المياه الضخمة دون إشراك السودان، بوصفه متأثرًا مباشرًا بها، يجعل السودان عرضة لأي أخطاء فنية مفاجئة أو مقصودة في أية لحظة.

3/ “مياه ما بعد التوليد”؛ هي مياه غير طبيعية، بل هي مياه مستعملة مرتين: الأولى في عملية الاحتجاز خلف السد لمدة تحددها إثيوبيا وحدها بوصفها مياهها الخاصة، والثانية في عملية الضغط و التوليد الكهرومائي؛ بما يغير من صفاتها الطبيعية ويحولها إلى فضلات مياه منهكة.

لذلك وغيره فإنَّنا نطلب – رسميًّا – من الجارة إثيوبيا التوقف – فورًا – عن التخلص من هذه المياه المستعملة داخل أراضي جمهورية السودان دون إذن او اتفاق مرضٍ، وذلك خلال فترة لا تتعدى الخمسة أعوام من تاريخه؛ وإلَّا فسوف نعتبر مثل هذا السلوك الضار عملًا عدوانيًّا مقصودًا لأنه بوسعها تحويل مياه ما بعد التوليد إلى داخل أراضيها ولو بتكلفة عالية.

السودان ليس مستعدًّا للعب دور المكبِّ لمياه إثيوبيا المستعملة، ولا دور المناول لمياه مصر دون مقابل مجزٍ من الطرفين. خاصة وأنَّ لديه ما يكفي من أنهار موسمية ومياه جوفية وأمطار.

صحيفة السوداني

Exit mobile version