من يجلس للاختبار للمرة الثالثة لا شك أن “نفسياته” ستكون في الحضيض، ولا شك ان ثقته بنفسه سوف تهتز، ولا شك أنه سيكتشف نظرات الناس إليه، فإن لم يقولوا له استح من نفسك، وإن لم يقولوا له أنت تضيع زمنك أليس من الأولى أن تشغل نفسك بشيء ينفعك غير جلوسك للاختبار للمرة الثالثة؟
إن لم يقولوا له ذلك بلسانهم، فسوف يكتشفه من خلال نظراتهم له.
يستثنى من هذه النفسية المحبطة المؤمن الواثق من نفسه المدرك لإمكانياته المقتنع بأن الفشل أولى خطوات النجاح.
هذا هو حال من يجلس للاختبارات للمرة الثالثة. فماذا عن اختبارات إدارة الحكم؟
فلقد تم اختبار (الجماعة الإسلامية) للتجربة السياسية السودانية مرتين بعد نيل السودان استقلاله.
وها هي تريد أن تجلس للاختبار للمرة الثالثة.
الجلسة لأولى: سجلت غيابا عن الجلوس، ولم يكن لديها أي عذر مقنع في ذلك، فمرة تعتذر بأنها لم تكن مستعدة للاختبار، ومرة تعتذر بأن الظروف التي حولها منعتها من الاختبار إلى آخر الحجج التي لم تبرر غيابها عن الاختبار.
الجلسة الثانية للاختبار ادعت بأنها ذاكرت جيدا، وأنها تغلبت على الظروف التي حولها إلا أنها عند نتيجة الاختبار كانت راسبة في كل المواد.
وها هي الآن تحمل كتبها وأدواتها، ومصرة على أن تختبر للمرة الثالثة، وهي مهددة مرة ثالثة إما بالغياب أوالرسوب.
الغياب جعلها تجهل الساحة السياسية، فاختفت عنها دروبها ومتعرجاتها، ولم تكتشف بعد من أين تؤكل الكتف.
والرسوب لم تفق من صدمته إلى الآن، فمرة تتوهم بأن النتيجة لم تنشر بعد، ومرة تتوهم بأن الامتحان سوف يعاد مرة أخرى، فهي تحاول ان تصدق ما تتوهمه بأن الرسوب كان بسبب الغش، وبسبب ان الأسئلة لم تكن من المقررات التي درستها.
فبين الغياب والرسوب تأبطت الآن كتبها، ودفاترها وتريد أن تختبر للمرة الثالثة، فالخوف عليها أن تؤثر عليها خمسة أمور.
اولا: غيابها الطويل إبان الاختبار الأول عن ساحات السياسة وألاعيبها يفوت عليها طريقة الإجابة على الأسئلة الغير مباشرة والتي تحتاج إلى حنكة وخبرة.
ثانيا: ازدياد توهمها بأن الفشل سببه غيرها، وسببه لجنة الاختبارات، وأنها لعبت في تصحيح الاختبارات بينما السبب الحقيقي هو عدم مذاكرتها للمقرر جيدا.
رابعا: عدم فهمها للمقررات التي تحتاج إلى تفكير.
إذ أن السبب الأساسي الذي كان وراء رسوبها هو اعتقادها بأن المقررات عبارة عن حفظ فقط.
خامسا: وهي أهم نقطة وهي نسيانها أنها مرة غابت عن الاختبار، ومرة سقطت فيه، فالمطلوب منها وضع هاتين التجربتين أمامها؛ لتتوكل على الله وتضع الثقة في نفسها، و لا بد أن تقنع نفسها قبل الآخرين بالحقيقة التي لا مفر منها، وهي أنها كانت غائبة اولا من معترك السياسة ثم رسبت ثانيا.
حينما تراعي لهذه الأمور الخمسة، فسوف يجعل الله منها نصيرا لهذا الدين، فالدين منصور لا محالة.
فالجديد هو ان تنتصر في محاولتها الثالثة لخوض الاختبارات.
أما إذا ….. لا نريد أن نقول ما بعد (أما إذا ) حتى لا نتذكر حالتي الاختبارين السابقتين.
صحيفة الانتباهة