تفشل الفترات الانتقالية بانتظام لسبب بسيط للغاية يتلخص في ان النخب الورثة لا تعتقد أن الحقوق والمطالب الاقتصادية كانت في قلب الانتفاضات التي أطاحت بالدكتاتورية السابقة.
النخب الورثة تخدع نفسها بأن الانتفاضة حدثت فقط بحثًا عن الحرية، وهذا صحيح، لكن الحقوق الاقتصادية هي في صميم سؤال الحرية والحرية لا معنى لها في غياب الحد الأدنى من الحقوق الاقتصادية.
وهنا تكمن ازمة العقل النيو لبرالي الذي يحصر مفهوم الحقوق في الحريات الفردية والسياسية ولكن كل تلك الحقوق لا تبرر غياب الحقوق الاقتصادية لأنسان معدم يفتقد ابسط أسباب الحياة من حد ادني من كرامة وطعام وكساء وعلاج وتعليم. الفقر جلاد اكثر عنفا من سياط أي طاغية والحرية تبدا حين يتحرر الانسان من وطأة الضرورة.
تتبني النخب السودانية النرجسية الفهم الضيق للحرية حتى تعفي نفسها من مسؤولياتها الاقتصادية تجاه الشعب , مكتفية بوراثة امتيازات النظام القديم وإعادة انتاج بنيته الاقتصادية وهي علي الكرسي العالي هذه المرة بدلا عن صف الاتجار السابق بقضايا الشعب في صراعها من اجل السلطة.
وهذا هو السبب في أن هذه النخب استمرت دائمًا في تنفيذ نفس السياسات الاقتصادية للديكتاتورية السابقة, وقوع الحافر علي الحافر, ، وبالتالي تعيد إنتاج نفس الأزمة الاقتصادية (أو تجعلها أسوأ كما هو حال هذا الانتقال الحالي نحو المجهول) لينسف الفشل الاقتصادي الفترة الانتقالية ويولد أزمة سياسية أخرى. إنه الاقتصاد أيها الغبي.
معتصم أقرع