قدم المهندس خيري عبد الرحمن، وكيل قطاع الكهرباء إستقالته من منصبه متهماً وزارة المالية بالنكوص عن التزاماتها بتغطية قيمة الوقود المستورد المقدر بـ (باخرتين شهرياً).
وأكد أن الكهرباء لا تغطي تكاليفها من دخل التعرفة سواء كان بالدفع المقدم أو الآجل، حتى بعد كل الزيادة المضاعفة التي تم تطبيقها في بداية هذا العام حيث بلغ العجز حوالي 115 مليار جنيه.
وأوضح عبد الرحمن أن هذه الأرقام توضح جلياً أن التعرفة الجديدة وعلى ارتفاعها لم تغط سوى جزء من العجز الكلي الذي وقع على قطاع الكهرباء منذ تفتته “عمداً مع سبق الاصرار والترصد” إلى شركات عقب إلغاء الهيئة القومية للكهرباء وتضاعف تكلفتها الادارية وتشتت جهودها الفنية.
وأعرب عن أسفه لعجز الدولة مجدداً ممثلة في وزارة المالية عن التزاماتها تجاه وقود الكهرباء، حيث لم تدخل حتى اليوم سوى 40 الف طن وقود فيرنس من جملة 240 الف طن لشهور يناير فبراير ومارس، فضلا عن غياب التدفقات المالية الشهرية التي تستخدمها الكهرباء لشراء قطع الغيار ودفع مستحقات تعاقدات الصيانة السنوية والطارئة.
في السودان بلد العجائب لا أحد يستغرب من التناقضات في اطار التقلبات السياسية فالوكيل نفسه كان وزيراً مكلفاً، قال عند زيادة تعرفة الكهرباء إن الزيادة ليست بالحجم المروّج لها، حيث تدفع أعلى شريحة مدعومة مبلغ 760 جنيهًا (13.74 دولارًا أميركيًا) لـ 600 كيلوواط/ساعة، وهذا ربّما يوازي تكلفة حساب هاتف محمول واحد لأفراد الأسرة، في حين الكهرباء تغطّي كلّ أفراد البيت وزاد إن “الشريحة التي تستهلك حتّى 400 كيلوواط/ساعة تدفع 440 جنيهًا، والـ 200 كيلوواط/ساعة (١٩% من المستهلكين) 180 جنيهًا، وهذا لايزال أقلّ من سعر بطارية واحدة”.
وتابع: “زيادة أسعار الكهرباء كانت البديل أمام وزارة المالية، بعد عجزها عن توفير بدائل تمويل تغطّي احتياجات الكهرباء، وهي تعدّ عبئًا إضافيًا على المواطنين، إلّا أن التعرفة الجديدة صُمّمت لتراعي بهيكلها الشرائح الاجتماعية الضعيفة، وكذلك الصناعات الأساسية، حيث مازال الدعم مستمرًا بلا تغيير في الصناعات الدوائية وقطاع الزراعة، وأيضًا دور العبادة.
إذاً افترضنا أن التعرفة القديمة لأسعار الكهرباء تجاهلت عن عمد، عمليات الإهلاك للمعدّات في قطاع يعتمد على محرّكات كبيرة وصغيرة كالتوربينات والماكينات الحرارية، وتحاشت مراجعة التكاليف بما يتناسب مع مستوى المصروفات، يبقى السؤال.. اذا كانت التعرفة الجديدة صممت لحل هذه الازمات لماذا فشلت في ذلك؟، خاصة وأن الزيادة بلغت 433% وشملت كل القطاعات.
وإذا كان الحال في قطاع الكهرباء قبل الزيادة هو ذات الوضع ما قبله سيما وأن المواطن يدفع قيمة الخدمة مقدماً ، فكيف يرمي كل الفشل في شماعة وزارة المالية واقتصار الحلول على الدعوات لتغيير النظام الهيكلي للقطاع والعودة مرة أخرى للهيئة القومية للكهرباء ، وبالمناسبة ليس دفاعاً عن وزارة المالية فما ذكره الوكيل صحيحاً ولكنه عندما كان وزيراً ، أكد سعي الوزارة لتوفير وسائل تمويل بديلة تُغطي تكلفة التشغيل وتساعد في إنشاء مشاريع بديلة تنعكس على قطاع الكهرباء وتوسع انتشاره وتزيد من عدد المستفيدين في أطراف السودان.
لا أحد يزايد على جهود المهندس خيري ونضاله ومحاولاته الجادة لاصلاح قطاع الكهرباء وفقدانه خسارة كبرى ويجب أن لا تقبل استقالته ويكفي أنه عبرها كشف كل المستور وموقف القطاع الآن وأسباب سوء الخدمة ويشكر على ذلك ، ولكن كان لا بد من قراءة ما بين السطور ومقارنة حيثيات الاستقالة والاوضاع في القطاع , وما شهدنا إلا بما علمنا.
صحيفة الجريدة