حكومة الثورة والنظام السابق.. الاتفاق في الحلول الاقتصادية

اتهم سياسيون وخبراء اقتصاد حكومة الفترة الانتقالية مراراً باتباع سياسية صندوق النقد الدولي القاضية برفع الدعم عن السلع والمحروقات، ويرون ان الحكومة تعمل على تجريب المجرب وتعيد سياسات حكومة النظام السابق وتُثقل كاهل المواطن الذي خرج ضد الاخير آملاً في تحسين الوضع الاقتصادي الذي كان اشبه بالمنهار،الأمر الذي جعل الكثيرين يتساءلون عن ماهية الفروقات بين السياسات الاقتصادية للحكومتين.. رفع الدعم ظلت حكومة الفترة الانتقالية ترفع الدعم بالتدريج وتباعاً عن المحروقات رغم سخط الشارع، فيوم الخميس الماضي أعلنت زيادات باسعارها بنسبة (23%) للبنزين و (8%) للديزل ، وانتقد حزب البعث العربي الاشتراكي هذه الزيادات، مؤكدا انها لن تكون النهائية منتقدا إصرار الطاقم الاقتصادي للحكومة على الرضوخ لتنفيذ إملاءات المقرضين والدائنين، ودون اكتراث لنتائجها على الكادحين وذوي الدخل المحدود والمنتجين . وقال المهندس عادل خلف الله، الناطق الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي، وعضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية، بحسب تقارير إعلامية أن هذه الزيادات لن تكون الأخيرة إن لم يعاد النظر في الصندوق الذي يفرخها . وأضاف خلف الله أن هذه الزيادة قد اقترنت مع زيادة ضريبة الجمارك بنسبة 40% مبينا أن زيادة المحروقات وضريبة الجمارك ستؤدي إلى المزيد من التضخم والانكماش كما أنها ستؤدي إلى تراجع القطاعات الإنتاجية بسبب ارتفاع التكلفة وتراجع الطلب، وزيادة نسبة البطالة والفقر . وأكد المتحدث الرسمي للبعث ان الضريبة الجمركية هي تلبية أخرى لاملاءات المقرضين والدائنين، التي لا آخر لها ، تمهيدا للقائهم في باريس مطلع مايو القادم، والتي وصفها بأنها مطالب لا تنتهي، ودون التزامات من قبلهم. وأضاف أن الاسوأ هو تقريرهم بالنيابة عن الإرادة الشعبية في خيارها الاقتصادي والاجتماعي، مشيراً إلى ان المديرة التنفيذية لصندوق النقد قد اختتمت تقييمها لما يسمونه بالإصلاحات بالدعوة (على المجتمع الدولي دعم السودان للانتقال لاقتصاد السوق الحر). إعادة إنتاج ولعل الحزب الشيوعي كان وما يزال من ابرز المنتقدين للسياسة الاقتصادية لحكومة الثورة وتحدث كثيراً عن الرأسمالية العالمية وما القت به من ظلال على الحكومة الانتقالية، وقال عضو اللجنة المركزية للحزب كمال كرار الاجراءات الاقتصادية التي تسلكها حكومة الثورة هي اعادة انتاج لسياسات النظام السابق الذي يغلب عليه اتباع سياسات صندوق النقد الدولي ، مشيرا الى تجدد ذات مظاهر الازمات الاقتصادية بالحقبة السابقة من غلاء وندرة. وأشار كرار من خلال حديثه إلى رفض حكومة الثورة تنفيذ برنامج الثورة الاقتصادي ومخالفته بعد ان منحت التفويض له، لافتاً إلى استمرارها بذات السياسات رغم عدم تأييد اي حزب للسياسات المتبعة والمضي بها وبغياب المجلس التشريعي الذي كان يمكن ان يحاسبها ،الامر الذي خلق تناقضا بين الحكومة والشارع من خلال المواكب والاحتجاجات. وقطع كرار بأن استمرار الحكومة في اتباع تلك السياسات سيفجر الشارع والذي سيكون له الحق في رفع سقف المطالب ويمكن ان تصل الى تغيير الحكومة التي يرى انها غير مكترثة للاوضاع المعيشية خاصة وسط الفقراء ومحدودي الدخل. واضاف: يمكن ان نقول (الكلام كمل) لجهة عجز الحكومة عن تقديم حلول اقتصادية برغم عقد المؤتمر الاقتصادي وتقديم اقتراحات عدة للحكومة والدفع بعدد من المذكرات وماتزال الحكومة تصم اذنيها عن اي مقترح وتمضي بسياسات صندوق النقد الدولي،الامر الذي سيؤول لفرض السياسات البديلة بالاضرابات والمواكب والمتاريس. وتابع: تدحرج الاقتصاد نحو الهاوية بشكل كبير والفقراء يدفعون ثمن هذا التدحرج الذي هو في مصلحة الاقلية مرتبطة بالحكومة وتفرض عليها هذه السياسات. الخيارات السهلة الخبير الاقتصادي د. محمد الناير قال ان الجماهير خرجت في العام 2013 بعد رفع الدعم عن المحروقات ولكن الآن اتخذت عدة خطوات لرفع الدعم، مشيراً إلى أن المشكلة التي تواجه التطبيق هي حدوث استقراراقتصادي اولا ثم يتم التفكير في آلية للتخلص من الدعم دون المساس بمعيشة المواطن. واوضح الناير ان الدولة لجأت للخيارات السهلة والتي تتمثل في زيادة اسعار المحروقات بغرض رفع الدعم دون ان تحدث استقرارا بسعر الصرف. لافتاً إلى انه كلما تم رفع الدعم سيتولد دعم جديد اذا واصلت العملة المحلية التراجع امام الاجنبية. وأشار الناير إلى أن القضية الآن ليست محروقات فقط ولكن الدولة زادت اسعار الكهرباء والمياه والخبز وكل المحروقات المختلفة من بنزين وجازولين وغاز وارتفعت اسعار الادوية بصورة غير مسبوقة باعتبار ان سعر الدولار للدواء ارتفع بالسوق الحر بالنسبة لبقية الادوية وحوالي 250 تقريبا للادوية المستدامة مقابل الدولار الامر الذي جعل الحصول على الدواء غاية في الصعوبة بالنسبة لمحدودي الدخل والشرائح الضعيفة. ووصف الناير الاعباء التي وقعت على المواطن بالعامين الماضيين بالكبيرة، مشدداً على صعوبة المواطن في مواجهتها. واضاف: ان الحلول التي انتهجتها الحكومة لتقليل الاعباء كبرنامج ثمرات لاتسمن ولاتغني من جوع بسبب انها خصصت 5 دولارات للفرد بالشهر في حين ان الفقير على مستوى العالم هو الشخص الذي يعيش على اقل من دولارين باليوم بمعنى ان من دون 60 دولارا بالشهر يعد فقيرا. واردف: برنامج ثمرات لم ينفذ حتى الآن بالصورة المطلوبة والى اللحظة فقط اجراءات وتسجيل وحتى بعد ان يعمل فلا قيمة للمبلغ لدى المواطن في ظل الظروف الحالية. وتابع: حكومة الثورة لم تستفد من التأييد الدولي لها خاصة بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب وهنالك بطء بالملف الاقتصادي لدمج الاقتصاد السوداني بالعالمي ولاتوجد تحركات لدمج التحاويل المصرفية بالمصارف العالمية بصورة سريعة. وبين الناير ان البطء اصبح من حكومة الفترة الانتقالية والآن تحديد سعر الصرف الذي تم، او تحديد سعر العملة الوطنية اتى بمناخ ايجابي واصبح الكثيرون يرتادون البنوك لتحويل النقد الاجنبي لمحلي، منوهاً إلى أن هذا الامر كان يتطلب من الحكومة ان تهيئ الظروف وتمنح المحولين حملات نقدية كبيرة من النقد الوطني وكان يفترض بها ان تقوم بفتح صرافات تعمل باوقات متاخرة من الليل ، وقد افلحت الحكومة الانتقالية في زياردة الرسوم والضرائب فقط.

تقرير – هبة علي
الخرطوم: (صحيفة السوداني)

Exit mobile version