في العنوان ( ضحك أو بكاء الطفل أثناء نومه يدل على نوعية أحلامه ) .. وفي الخبر نتائج دراسة تتحدث عن تحول حالة الطفل بشكل مفاجيء من الضحك إلى البكاء سواء كان مستيقظاً أو أثناء نومه ..
تلك بالضبط هي حالة ( أحزاب المعارضة الحاكمة ) كما يمكن ان نسميها ، وبالخصوص تلك التي أخرجت رجلها اليسرى من الحكومة وتركت اليمنى داخل السلطة ..
الأحزاب التي تركت بيضها في عش السلطة وخرجت تلقط الحب من حقل المعارضة ، خاصة الحزب الشيوعي وحزب البعث الذي يريد أن يتصدر المشهدين ويسعى للأكل من المائتدين .
هذه الحالة الطفولية تظهر بجلاء حين تسمع أحدهم يدافع عن مواقف حزبه من سياسات الحكومة الانتقالية وخاصة السياسة الإقتصادية وملف التطبيع ووجود جيوش الحركات المسلحة في العاصمة ..تجده يتبنى أقصى نقطة في المعارضة وهي إسقاط الحكومة وإسقاط ما سماه بيان الحزب الشيوعي بتحالف الهبوط الناعم، وإقامة الحكم المدني الديمقراطي العادل كما جاء في البيان الصادر بعد زيادة الوقود .
لكن نفس هذا الشخص وبشكل مفاجيء وغريب جداً يمكنك أن تشاهد تحولاً طفولياً في هذا موقفه من أقصى درجات المعارضة وهي إسقاط الحكومة إلى قلب قصر السلطة بالدفاع عن رئيس الوزراء وحكومته حين يتدخل صوت آخر في الخط من لون سياسي مغاير يدعم ويؤيد نفس الموقف .
فينسى من كان يتحدث قبل قليل عن طبيعة السلطة التي تعبر بحسب لسانه عن مصالح الرأسمالية الطفيلية، والتي أعادت سياسات النظام السابق في كل المجالات وفرطت في السيادة الوطنية لينبري للدفاع عن حمدوك وانجازاته .. فلا تجد نفسك إلا أمام طفل كان غارقاً في الضحك أثناء مداعبة والده له ثم انفجر باكياً بشكل مفاجيء وانهمرت دموعه وملأ المكان بالصراخ غير آبه بتفسير هذا التحول المفاجيء ..
نحترم جداً من يتبنى موقفًا واضحاً وصادقاً ضد أو مع السياسات التي تتبعها الحكومة فهذا موقف طبيعي وحق مكفول للجميع لكن العيب كل العيب في محاولة حجز مقعد هنا في السلطة وآخر هناك في المعارضة في الوقت نفسه .
العيب كل العيب أن يخرج الحزب الشيوعي ظاهرياً من السلطة بعد أن ترك كوادره تتولى مواقع قيادية داخل معظم الوزارات وتمثل بالتالي تياراً نافذاً وفاعلاً في الجهاز التنفيذي الذي يلعنه صراخ الطفل الباكي ..!
هذا الفعل السياسي الفاضح تكاد ترصده يومياً في منابر النقاش الإسفيرية بالخصوص ويعبر عن الحالة العبثية الغريبة والاختلال الأخلاقي الكبير في الساحة السياسية .
مثل هذه الكيانات التي تتبنى مواقف بالغة التناقض مع السلطة وضدها .. تبنيها وتسقطها .. في نفس منبر النقاش ، تبصق بسطرها الثاني على سطرها الأول دون أن ترفع قلمها .. هذه المعارضة البائسة لو استحقت مواقفها الشهرة اليوم فإن احتراق جثتها السياسية في نهاية المطاف هو المصير الحتمي المستحق .
لن تنجو الأحزاب السياسية السودانية من دوامة الفشل التأريخي وتجاربه الخائبة المعادة منذ الاستقلال ما لم تصلح بيتها السياسي أخلاقياً في المقام الأول ، فليست السياسة هي اتقان مهارات الاستهبال و خداع الجماهير .
كن مع السلطة وادعمها وقوم أخطاءها طالما أنك في الواقع جزء أصيل منها أو اسحب كوادرك القيادية من الوزارات والجهاز التنفيذي وغادر بشرف واحترام لنفسك ولتاريخك وللفكر السياسي الذي تتبناه .
كيف تتحدث عن إسقاط حكومة أنت في الحقيقة لا تريد إسقاطها .. وكيف تتخيل أن الشعب السوداني بهذه الدرجة من الغباء والسطحية كونه لا يمتلك قدرة على اكتشاف حقيقة تناقضاتك البائسة تلك .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين
جمال على حسن – صحيفة اليوم التالي