خالد تيجاني
(1)
في صباح الثلاثاء الماضية حدثتني نفسي، الأمّار منها بفعل الخير، أن أتصرف كمواطن صالح يملي عليه الواجب، حماية المجتمع قبل وقاية نفسه، التجاوب مع نداء الحكومة التوجه لتلقي اللقاح في سبيل مكافحة جائحة كوفيد 19، وهكذا يمّمت وجهي تلقاء مركز عمر بن الخطاب بكل همّة، وحتى لا أنسب الفضل لنفسي هذا “الوعي المبكر” فقد كان أول من نبهني لمسألة التطعيم صديقي العزيز د. سليمان بلدو من مقر إقامته في غرب الأطلسي حين حثني قبل أيام يضرورة أخذ اللقاح، واعتبرت ذلك من باب حرصه الدائم في نهاية كل محادثة بيننا على ضرورة أخذ الحيطة والحذر، كما كانت بتشجيع صديقي الاستشاريين د. أمين بانقا ود. محمد الأمين محمد عثمان، فلهم جميعاً الشكر والتقدير.
(2)
وصلت للمركز مزهواً حوالي العاشرة صباحاً وكنت أظن نفسي من بين قلة أدركت قيمة هذه الامتياز لخدمة حكومية مجانية، وبما أنني مؤهل حسب المواصفات الرسمية لمن يستحقون هذه الخدمة فقد تم تسجيلي بكل سهولة، ولكن المفاجأة كانت، علي انتظار نحو أربعمائة شخص سبقوني، خفف عنا المسؤول وطاة الانتظار بقوله يمكنك أن تقضي بعض أعمالك وتعود لنا في نهاية اليوم، ووجدت في ذلك حلاً منصفاً، لكني مع ذلك سعدت بهذا الإقبال الكبير في اليوم الثالث لبدء عمل هذا المركز مما يشي بتنامي الوعي نسبياً بهذه الجائحة المنذرة، كان من الممكن أن تمضي الأمور على أفضل ما يكون وفق تنظيم معقول، لولا أن بعض الترتيبات والإجراءات أخّلت بذلك، ولعل أكثرها غرابة أن التيار الكهربائي ظل مقطوعاً من المركز الصحي منذ صباح اليوم حتى مغادرتي بعد الرابعة عصراً، من المؤكد أن توفر التيار الكهربائي لهذا المرفق ليس ترفاً حتى في الأحوال العادية دعك في ظل اختياره ضمن عدد محدود منها يرتاده الآلاف يومياً فضلاً عن الحاجة لحفظ اللقاحات، فهل يُعقل أن وزارة الطاقة وهيئة الكهرباء تفتقرا للإحساس بأهمية هذه الخدمة لمثل هذا المرفق الحيوي في مثل هذه الظروف، من المؤكد أن هذا قصور لا يمكن تبريره على الإطلاق، من الواضح أن المشكلة في إدارة الكهرباء تتجاوز مشكة الإمكانات المادية إلى الافتقار لأبسط مقومات اتخاذ القرار السليم.
(3)
المسألة الأخرى التي أدت إلى انفراط عقد النظام هي عدم التقيّد بترتيبات حصول المواطنين على التطعيم حسب الأرقام التي حصلوا عليها بسبب إعطاء أولوية للكوادر الصحية وأسرهم خارج هذه الترتيبات مما آثار حفيظة المواطنين واعتبروه تمييزاً غير مبرر، وهو ما أدى إلى نفاد اللقاحات وكروت التطعيم بسبب ازدياد الإقبال، وقاد انتظار الحصول على المزيد منها إلى تأخير فاقم من الاحتجاجات والشكوى. ولكن مع كل هذه التعقيدات فإن الفريق الطبي العامل في المركز تحمّل مسؤوليته كاملة في القيام بواجبه على أفضل ما يمكن في ظل ظروف عوامل ضاغطة، وملابسات خارجة عن إرادتهم، وتميزوا بالصبر وطول البال في شرح الموقف للمواطنين وتوضيح جهودهم لمعالجة جوانب قصور مفروضة عليهم، وهو ما يستوجب توجيه الشكر والتقدير للدكتورة داليا حسن، وأرجو ألا يكون اختلط علي الاسم، وفريقها المجتهد.
(4)
أسوق هذه المشاهدات للفت نظر السلطات المعنية في الإدارات الحكومية المختلفة لإيجاد حلول عاجلة لهذه الجوانب التي لا تقلل من الجهد المبذول ولكن حلها الممكن سيمكن من قطف الثمرات المرجوة، استمعت إلى السيد وزير الصحة يتحدث عن الإقبال المحدود، وهذا يحتاج إلى خطاب إعلامي فعّال بمشاركة مجتمعية واسعة، واقترح على الوزارة أن تتبنى دعوة رموز المجتمع في كافة المجالات لأخذ اللقاح في خدمة منظمة تعقبها تصريحات منهم تشجع من يلونهم على الإقبال.
صحيفة السوداني