واحدة من أهم المشاكل التي ظل يعاني منها السودان خلال 65 سنة شكلت عمره المستقل، هيعدم تطور البنية التحتيةللقطاعات المختلفة لتواكب حاجة السكان المتزايدة مع تزايد عددهم وتركت للظروف والتدهور المستمر، في هذا الوقت تطور العالم سريعا وخاصة في العقود الثلاثة الأخيرةبفضل التكنولجيا الحديثة التيغزتهوجعلت تنمية القطاعات المختلفة أمرا غاية في السهولة،وكل دول العالماستفادت منها وحققت لشعوبها الرفاهية في كل مجالإلا السودان، والسبب هو خيبة الحكومات الوطنية وفسادها وصراعها على السلطة والثروةالذي هو أس البلاوي.أكبر وأسرع عملية تدهور للقطاعات حدثت في ظلالنظام المخلوعوأغلبها إما توقف تماماأو هويعمل الآن ولكن بآخر نفس،وما القطاع الصحي إلا نموذج يحكي عن مأساة عميقة يدفع ثمنها المواطن كل يوم،وقد اعترف النظام المخلوع في آخر أيامه أن 75% من المواطنين في السودان لا يجدون الرعاية الصحية الأولية، وأعتقد هذا يكفي لشرح مأساة هذا البلد.
أول أمس قال دكتور عمر النجيب وزير الصحةبعد اجتماع له مع مجلس الوزراء، إن النظام البائد أحدث دمارا في قطاع الصحة لايمكن أن يوصف، ووزارة الصحة اليومتعاني من خلل جوهري أقعدها عن أداء دورها بشكل تام، وأن مجلس الوزراء أجاز رؤية متكاملة لإعادة تأهيل قطاعات الصحة لتعود الى سابق عهدها، مشيرا الى أن رؤيته تتضمن إعادة تأهيل كافة المستشفيات وفق أسس علمية قائمة على تخطيط ومفاهيم الشروط الصحية الشاملة.
ما قاله وزير الصحة هو الواقع الذي يعرفه أي مواطن ويعيشه الآن بكل التفاصيل المحزنة، وعليه المطلوب منه هو ليس أن يحدثنا عما حدث للقطاع الصحي بل أن يعمل في صمتلتغييره في أقرب وقت،وحقيقةالأمر يحتاح الى تحرك سريع لتنفيذ خطة المعالجة التي ذكرها،ونرجو أن يفكر في ذلك بشكل جديد ومبتكر دون أن ينتظر الحكومة وميزانيتها التي تحتاج الى وقت،فمثلا يمكنه أن يقوم بحملة قومية لإنقاذ القطاع الصحي لجمع التبرعات لصيانة المستشفيات الحكومية وتوفير الأجهزةوأن يستعين بالشباب الثوار فهم على أتم الاستعداد لمساعدة الدولة دون مقابل، ويمكن له أن يقوم بتفعيل المبادرات الشبابية التي كان لها دور عظيم في إنجاز الكثير من الأعمال في المستشفياتوقاموا بالدور الذي تخلت عنه الدولة بكفاءة عالية، ويجدر بي هناأن أذكر مبادرةشارع الحوادث فهؤلاء الشبابيعرفون كيف يصنعون من الفسيخ شربات بمقدراتهم العالية من الصدق والنزاهة وحسن النية وبعد النظر وحب الوطن ونكران الذات، وهذا ما ظلت تفتقده البلد في قادتها على مر التاريخ بعد الاستقلال.
يجب أن يبدأ وزير الصحة فورا في طرح فكرة الحملة القومية لإنقاذ القطاع الصحي وسيجد التبرعات والمساعدات تنهال عليه وسيجد العشرات من المواطنين المخلصين في كافة التخصصات يمدون له يد العون من أي نوع ، وندعو الأطباء والكوادر الصحية لتبني هذه المبادرة مع وزير الصحة وأن يشرفوا عليها بأنفسهم وبطريقة تضمن أعلى مستوى من الشفافية،لعمري سيخرج القطاع الصحي من حفرته قبل حلول العام القادم.
صحيفة السوداني