عامان أو ينقصان قليلاً، عانى خلالهما السودانيون معاناة كبيرة من تدهور اقتصادي غير مسبوق، بعد التحوّل السياسي الذي أطاح بحكم تنظيم الإخوان، وأفرز حكومة انتقالية ورثت أوضاعاً اقتصادية وأمنية وسياسية بالغة التعقيد والدقة. لم يتأخّر الأشقاء والأصدقاء عن مساعدة السودان في أكثر مراحله حرجاً ودقة، ومسيرة تحوله من نظام سياسي أحكم قبضته على البلاد نحو ثلاثة عقود، وأورث البلاد بعد رحيله انهياراً شاملاً طال كل المجالات، لتمكّن مساعدات الأشقاء السودان على الوقوف والوفاء ولو ببعض المتطلبات العاجلة تجاه شعبه.
اتخذ السودان القرار الصعب برفع الدعم عن بعض السلع الاستراتيجية، وعلى الرغم من أن الخطوة تسبّبت في تفاقم أوضاع السودانيين عبر ارتفاع الأسعار، إلّا أنّ الأمر كان خطوة في الاتجاه الصحيح لإدخال إصلاحات جوهرية في الاقتصاد المتداعي، لتأتي أحد أكبر الخطوات عبّدت الطريق أمام البلاد لإعادة هيكلة الاقتصاد والمتمثلة في تحرير سعر صرف الجنيه السوداني. ولم تكد تمر سوى شهر أو أقل على الخطوة التاريخية حتى بدأت البلاد في جني ثمار إصلاحاتها، الأمر الذي تمثّل في إعلان البنك الدولي أنّ السودان سوى ديونه لديه بعد نحو ثلاثة عقود، ما يقرّب البلاد أكثر فأكثر من حزمة دولية للإعفاء من الدين.
ويقول رئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس، إنّ الخطوة تعني أنّ السودان بمقدوره الآن الوصول إلى منح بملياري دولار من المؤسسة الدولية للتنمية، فيما أصبح سداد السودان للمتأخرات ممكناً عبر قرض مؤقت بقيمة 1.15 مليار دولار قدمته الحكومة الأمريكية.
ويشير وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، إلى أنّ تسوية المتأخرات يتيح للبلاد تدبير تمويل من مجموعة البنك الدولي ومؤسسات أخرى متعددة الأطراف والمضي قدماً في مشاريع تنموية تحولية، مضيفاً: «ممتنون للحكومة الأمريكية لتسهيل عملية التسوية، والتي تدعم أيضا مسعانا صوب إعفاء أكثر شمولاً من الدين».
ثناء وإشادة
وانهالت عبارات الثناء من وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، التي قالت إنّ السودان يستحق الإشادة لتنفيذه ما أسمته «البرنامج الاقتصادي القوي» الذي يدعم تحوّل البلاد إلى النظام الديمقراطي بعد ثلاثة عقود من العزلة الدولية، مشيرة إلى أنّ الولايات المتحدة مسرورة بدعم تلك الجهود عبر مساعدة السودان في تسوية متأخراته للبنك الدولي.
ولفتت الوزيرة الأمريكية إلى أنّ التحرك سينقل السودان خطوة أخرى أقرب للحصول على إعفاء من الدين تشتد الحاجة إليه ويساعد الدولة على إعادة الاندماج في المجتمع المالي الدولي. وقال مصدر مطلع، إن أحدث خطوة تعني أن السودان قد يصل إلى ما يطلق عليه «نقطة القرار» للمرحلة الأولى من حزمة أوسع نطاقاً للإعفاء من الدين بموجب مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون في وقت مبكر قد يكون منتصف 2021.
أنس مأمون – صحيفة البيان