بالأمس وفي حوالي الساعة ٥ مساءً، أصيب أحد أقربائنا بوعكة صحية طارئة هرعنا به إلى مستشفى خاص معروف بالخرطوم، ما أن أخذوا منه بعض العينات للفحوصات، فإذا بالكهرباء (تقطع)، الطبيعي في هذه الحالة أن يعمل المولد الاحتياطي للمستشفى!
ولكن ماذا حدث؟.
خرج بكل بساطة معظم الطاقم الطبي والصحى من المشفى إلى منازلهم، سألت من يقف بالخارج وهو منهمك في احكام إغلاق الباب الخارجي، الحل شنو يا حبيب قال الجماعة ديل تاني ما بجو إلا مع الكهرباء، تمشو وتجو حوالي الساعة ١٢ ليلاً!.
ونحن نهم بالمغادرة، رأيت مشهداً يدمي القلب، أسرة مفزوعة تكاد أعينهم ان تخرج من محاجرها، من الشفقة والخوف على مريضتهم، فتاة في العقد الثاني، بحالة يرثى لها، حملوها على أيديهم على عجل، ما أن وصلوا بها باب المشفى أشار لهم الحارس بأن المستشفى مغلق الكهرباء (قاطعة) كأنهم قد قصدوا حلاق أو طاحونة! .
هذا هو الوضع الحالي في المستشفيات الخاصة بالخرطوم، لانها ببساطة لاتقوى على تكلفة تشغيل مولد لنصف يوم، خصص في الأصل لتشغيله لنصف ساعة أو ساعة، عند ما كان القطع لايتجاوز هذه المدة، فما بال المستشفيات الحكومية، بعد أن قررت شركة الكهرباء في تصرف ينم عن العجز والفشل وإنهيار الخدمة إدخال المستشفيات ضمن برمجة القطوعات التي تستمر لنحو ١٢ ساعة في اليوم!.
السؤال عن أي تطور وأي نهضة وأي تقدم وجذب استثمارات يسافر لها كل أسبوع عشرات الوزراء ويكبدون الدولة أموالا طائلة، وحكومتهم غير قادرة على توفير أبسط المقومات (الكهرباء) التي أصبحت سلعة ضرورية لاتقل أهميتها عن الماء والغذاء في عصر أصبحت فيه (عصب الحياة).
ابومهند العيسابي