يبدو أن ولاية الخرطوم ومباحث التموين فشلتا فشلاً ذريعاً فى توفير غاز الطهى والخبز بالاحياء السكنية، ولعل اسباب فشل مباحث التموين تعزى الى قلة حجم القوة وعدم توفر الامكانات المتاحة للرقابة والمتابعة اللصيقة، بجانب الدور الكبير الذى تقوم به مباحث التموين فى استرداد الاموال المفقودة من
خزانة الدولة، مما جعل دورها فى رقابة الخبز والدقيق دوراً هامشياً لا يجد اى اهتمام او متابعة من ادارة مباحث التجارة والتموين على اعلى مستوياتها.
لذلك ينبغى لولاية الخرطوم بل لمجلس الوزراء ان يصدر توجيهات سارية المفعول لجهاز الامن والمخابرات الوطنى هيئة الامن الاقتصادى، بأن تقوم بدورها فى هذا الصدد من رقابة على الغاز من المصفاة والمخازن وحتى وصوله للمواطنين بكافة ارجاء السودان بالتركيز على الخرطوم، بجانب تفعيل دورها
فى الرقابة على المخابز والمعابر لمنع تسرب حصص الغاز والدقيق من الخرطوم الى الولايات المجاورة، حيث يباع باسعار مضاعفة، فضلاً عن تفعيل دور الامن واطلاق يده فى الرقابة على السوق السوداء وضبط اسعار اسطوانات الغاز وتوحيد اسعارها، وضبط المخالفين واحالتهم للمحاكمات.
ولم نقل ما قلناه من فراغ، فقد برزت لدينا عدة مشكلات يشتكى منها عدد كبير من احياء الخرطوم والمواطنون بمختلف المحليات، حيث يباع الغاز باسعار متفاوتة، فلجان التغيير تقدم الغاز بسعر والوكلاء يقدمون الغاز بسعر آخر ومن المخازن يخرج بسعر ثالث، بينما يباع فى السوق السوداء باسعار تفوق
(2500) جنيه للاسطوانة، ويتوفر الغاز بطريقة ممنهجة ومتفق عليها فى ايدى القائمين على امر السوق السوداء والذين يبيعون الغاز بطرق ملتوية فى محاولة منهم لكسب المال وتحقيق ارباح طائلة بصورة سريعة، ولعل تنامى ظاهرة السوق السوداء فى تجارة الغاز يعزى لانعدام الرقابة على ناقلات الغاز
التى كانت فى السابق توفرها قوات الامن الاقتصادى، وتمنع تسرب كميات من الغاز للسوق السوداء، ولكنها الآن انتشرت وراجت بكثافة.
ولاية الخرطوم لن تستطيع ان تخفف حدة ازمة الخبز والغاز الا بتفعيل دور الاجهزة الامنية واطلاق يدها بغرض توحيد الاسعار ومراقبتها وتوزيع قوات فى المخابز المختلفة ومراكز بيع الغاز، واعتقد ان الازمة ليست ازمة عدم توفر، ولكن الازمة الآن ازمة ضمير، حيث يستغل بعض ضعاف النفوس
الفرصة للاثراء وتحقيق عوائد مالية، ويقومون ببيع اسطوانات الغاز بطريقتهم، نظراً لعدم وجود الرقيب وضعف دور مباحث التموين في ما يتعلق بجانب غاز الطهي والرقابة على المخابز، حتى ان هنالك مخابز اصبحت تستغل الدقيق المدعوم فى انتاج خبز يتم بيعه للمطاعم في السوق السوداء، وبذلك تكون
حققت عوائد وارباحاً طائلة .
على والى الخرطوم ان يعى تماماً ان ازمة الخبز والغاز بامكانها ان تتسبب فى اقالته من منصبه بل وفى الاطاحة بالحكومة، لانها كانت نفس السبب الذى اطاح بحكومة الانقاذ، لذلك من باب اولى الاهتمام بهذا الجانب، اما بنشر قوات الامن الاقتصادى او بمضاعفة اعداد قوات مباحث التموين، وتوفير عشرات
الآليات والمتحركات لها لتمكينها من المراقبة الدقيقة والعمل بصورة فاعلة .
جميعنا لا ننكر الدور الكبير لمباحث التموين فى رد اموال طائلة كانت مهدرة اعادتها المباحث لخزانة الدولة، ولكن قوة بهذا الحجم البسيط وتلك الامكانات الطائلة فى مجال رد الاموال، لا يمكنها ان تعمل بفاعلية وكفاءة فى مجال مراقبة ما يتجاوز خمسة آلاف مخبز والآلاف من وكلاء الغاز، لذلك اما ان تطور
الى ادارة عامة بكامل عدتها وعتادها وهذا امر صعب فى الوقت الحالى، او تسليم امر الخبز والغاز لجهاز الامن.
صحيفة الانتباهة