* لم أستغرب لغة التهديد التي استخدمها (عبد الرحيم دقلو) لمخاطبة المواطنين قبل بضعة أيام، فهي تتطابق تماماً مع تفكيره وصفاته وطريقة حياته، ولو اعتقد ان السلاح الذي يمسكه ويهدد به الناس، يعطيه القوة ويعلمه الشجاعة فهو مخدوع ولا يعرف قيمة السلاح الذي يحمله، فالإنسان الشجاع والقوي والحصيف هو الذي يعطي القوة والشجاعة للسلاح، وليس العكس، وكم من سلاح فتاك في يد شخص جبان ومتردد وجعجاع وغبي مجرد قطعة من الحديد بارد لا قيمة لها، وكم من سلاح ضعيف في يد شخص شجاع قوي وحصيف وحكيم عبارة عن قنبلة نووية، ولكن من أين لمثله أن يعرف ويفهم هذا الحديث، فلا هو درسه ولا تعلمه من الحياة !
* يقول الكاتب ( الطيب شاور) وهو رائد شرطة متقاعد تخرج في كلية الشرطة السودانية، وعمل فترة قصيرة قبل إحالته (الصالح العام) بسبب معارضته للنظام البائد.. “هل تعلم يا (عبد الرحيم دقلو) ان أكبر وأعرق حي بالحصاحيصا اسمه (حي فور)، كما يوجد بها حي اسمه (كريمة)، وان أكبر حي ببورتسودان مسمى على زعيم النوبة المرحوم (فيليب غبوش)، وأن الحي الجنوبي في قريتنا (وادي شعير) وسط مشروع الجزيرة، يقطنه أبناء دارفور بكل رحابة صدر وترحاب”!
* “وان معظم الوظائف القيادية في الحكومة يشغلها حالياً أبناء دارفور ولم يخرج (الجلابة) كما تسمونهم، في مظاهرات احتجاجاً على ذلك …سوق ليبيا معقل التجار من ابناء دارفور وهم يعيشون بيننا بكل أريحية، والشيخ موسى هلال نفسه أم عياله من الدويم .. لم نرفضهم ولن نرفضهم، ولكننا رفضنا المظاهر المسلحة غير المبررة، سيما وأنها أعقبت اتفاق سلام وثورة عظيمة دفع ثمنها شباب كان لهم الفضل في دخول هذه القوات الخرطوم، وكأنهم انتصروا في معركة ” !
* “لو كانت هذه القوات شريكة في الثورة وإسقاط النظام لما انتظرت في جوبا سنة ونصف من المفاوضات مع حكومة الثورة، وهو أكبر دليل على انها لم تكن شريكاً لـ(كشة ورفاقه من الشهداء)، اما الآلاف من أبناء دارفور الذين شاركوا في الحراك والتغيير فهم من الشعب، خرجوا الى الشوارع من صفوف الخبز والبنزين والقهر، لا من صفوف الحركات المسلحة التي شرفتنا قبل اسبوعين”!
* “في كل الدنيا، الشعوب لا تعرف سوى الشرطة والجيش فقط، فهل الحديث عن رفض المظاهر المسلحة يعني العنصرية ورفض الآخر”؟!
* “اتفاق جوبا واضح، وهو أن تظل القوات في دارفور بعد الدمج أربعين شهراً، وان تكون في منطقة يتفق عليها الطرفان بحيث يسهل الوصول إليها براً وجواً وبحراً لمراقبتها، وأن تتوفر فيها الخدمات الضرورية، وان تكون بعيدة عن مناطق التجمعات السكانية بمسافة مناسبة، وأن يبعد موقعها من الحدود الدولية بمسافة لا تقل عن 50 كلم .. اليس هذا ما تواثقتم عليه، وهل ينطبق على مواقع تمركز القوات الحالي في العاصمة”؟!
* انت قلت انتهى وقت اللعب، فمن الذي يلعب؟ مواطنو الشمال والوسط والشرق لم يكونوا طرفاً في صراع دارفور، وإنما كان الصراع بين النظام البائد الفاسد وحلفائه (وهم أنتم) وبين أبناء دارفور، وان عبارة (عرب وزرقه) لم تصدر إليكم من الشمال، بل هي مصطلح من اختراعكم انتم (أبناء دارفور)!
* نحن لا نعادي أحداً، ولا نرفض أن يتم توقيع اتفاق لكن نرفض ان يعقبه تهديد، ولا نرفض أن يتصالح أبناء العمومة ولكن نرفض ان يعقبه تهديد (انتهى).
* ولا نقابل التهديد بالتهديد، ليس خوفاً وإنما شجاعة، فالشجاعة شجاعة القلب والعقل وليس طول اللسان، ورحم الله الشاعر العراقي (معروف الرصافي) الذي قال: “لا خيرَ في وطنٍ يكون السيفُ عند جبانهِ، والمالُ عند بخيلهِ، والرأيُ عند طريدهِ، والعلمُ عند غريبهِ، والحكمُ عند دخيلهِ”!
***********
زهير السراج – صحيفة الجريدة