عندما يتعلق الأمر بالصحة أيهما تفضل: القهوة أم الشاي الأخضر؟

يُعد الشاي المشروب الأكثر استهلاكا في العالم بعد الماء، لكن القهوة هي الأخرى تحظى بشعبية لا تقل عنه، ففي الولايات المتحدة وحدها يستهلك أكثر من 85٪ من البالغين حوالي 180 ملليغرامًا من الكافيين يوميا، وهو ما يوفره فنجانان من القهوة. ولأن معظم الناس يستهلكون القهوة والشاي الأخضر، المستحضر من زهور الـ”كاميليا سينينسيس” (Camellia sinensis)، لمذاقهما المميز وفوائدهما الصحية المحتملة، نقدم هذه المقارنة العلمية بين فوائد وسلبيات كل منهما، بالإضافة إلى الطرق الصحية لتحضيرهما. الكافيين هو المنشط والمنبه الأكثر أهمية في كوكبنا، وتوفر القهوة منه 96 ملليغراما في الكوب سعة 240 ملليغراما، وهو أكثر من 3 أضعاف ما يوفره الشاي الأخضر (29 ملليغراما في نفس الكوب)، وذلك وفقا لوزارة الزراعة الأميركية. وهو من أكثر المواد التي خضعت للدراسات، بسبب آثاره الصحية الإيجابية المتعددة، والتي تشمل تعزيز مستويات الطاقة واليقظة والانتباه، وخفض الإرهاق الذهني والبدني، وزيادة التحكم لدى الشباب في أوقات الغضب، ورفع الأداء في أثناء التمارين، وتحسين الذاكرة والمزاج. كما تشير الدلائل بحسب الجزيرة نت أيضا إلى أن للكافيين تأثيرات وقائية على صحة الدماغ، تقلل من خطر الإصابة بالخرف والأمراض الانتكاسية الأخرى، وذلك رغم أن العلماء ما يزالون يحتاجون إلى إجراء المزيد من الأبحاث حول الآثار المحتملة للكافيين، وخصوصا من ناحية علاقته بخفض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، أو زيادة مستويات السكر في الدم. وبحسب الأبحاث، فإن تناول 400 ملليغرام من الكافيين يوميا يعتبر آمنا للبالغين، لكن المعدل المسموح به للمراهقين ينخفض إلى 100 ملليغرام يوميا، أما الأطفال فلا يسمح لهم بأكثر من 2.5 من الملليغرام لكل كيلو غرام من وزنهم في اليوم. يتميز الشاي عامة -والأخضر منه خاصة- عن القهوة بوجود حمض “ل- ثيانين” (L-theanine) الأميني المعروف بتأثيره المهدئ على الدماغ، وذلك بحسب دراسات أظهرت أنه يزيد من مشاعر اليقظة الهادئة. وذلك رغم أن التأثيرات الإدراكية المفيدة للكافيين قد تظهر بشكل أسرع من الثيانين، لأن سرعة امتصاص الكافيين تكون أكبر. وفي الوقت الذي تشير فيه الدلائل إلى أن الشاي الأخضر مرتبط بتقليل مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية والسكري والاكتئاب، فإنها تُظهر أيضا أن للقهوة دورا في انخفاض معدل الوفيات بأمراض القلب. الشاي الأخضر والقهوة يشتركان في المحتوى العالي من مضادات الأكسدة (البوليفينول) المسؤولة عن العديد من الفوائد والنكهة، بالإضافة إلى تأثيرها القوي المضاد للسرطان. كما يشتركان أيضا في المساعدة على فقدان الوزن، من خلال تأثير “حمض الكلوروغينيك” (CA) في خفض الأنسولين والكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم، والتقليل من إفراز هرمون الجوع “اللبتين”، وزيادة حرق السعرات الحرارية، وانخفاض الدهون الحشوية المخزنة داخل البطن، ومن ثم خسارة الوزن. وإن الإفراط في شربهما قد يؤدي إلى “الإجهاد التأكسدي”، وهوعملية ضارة يمكن أن تؤثر سلبا على الصحة، كذلك قد يؤدي إلى المرض وتسريع الشيخوخة. على الرغم من أن كل من القهوة والشاي الأخضر معروفان بفوائدهما، لكن هذا لا يمنع أن يكون لهما بعض العيوب، وخصوصا عندما تزيد المكونات المضافة -كالمُحليات والمُبيضات والمُنكهات- من السعرات الحرارية والسكر في المشروب بشكل كبير. حيث تُظهر الأبحاث أن القهوة أو الشاي المُحليان من بين الأطعمة التي تساهم في زيادة تناول السكر لدى البالغين في الولايات المتحدة، وهو ما يرتبط بزيادة الوزن، وأمراض القلب، وتسوس الأسنان ومرض السكري من النوع الثاني. ومع أن الكافيين يُعد مفيدا، إلا أن استهلاك الكثير منه قد يؤدي إلى آثار جانبية سلبية، كالقلق واضطرابات النوم، وذلك بحسب الدلائل التي تشير إلى أن إدمان الكافيين (أكثر من 400 ملليغرام يوميا)، قد يؤدي إلى تفاقم أعراض اليقظة والأرق، وصولا إلى معاناة الانسحاب منه، والتي تجعل بعض الأشخاص يستمرون في تناوله بكثافة رغم تعرضهم لتأثيرات ضارة. بالإضافة إلى أن هناك أدلة على أن الزيوت الموجودة في القهوة، مثل “الكافستول” و”الكهويل”، قد تزيد من مستويات الكوليسترول في الدم. علما أن استخلاص الكافستول من القهوة يعتمد على طريقة التصنيع ووقت التحميص، فالقهوة غير المفلترة -مثل القهوة التركية- تنتج من 3 إلى 6 ملليغرامات كافستول في الكوب الواحد. لأن طريقة التحضير هي التي تصنع الفرق بين مشروب مفيد وآخر غير مفيد، يُفضل اتباع هذه النصائح المقدمة من موقع “هيلث لاين” (Healthline) لتحضير كوب قهوة أو شاي صحي: استخدم مرشح القهوة، فالمرشحات الورقية تساهم في تقليل كمية الكافستول التي ترتبط بزيادة الكوليسترول في الدم. أضف الحليب قليل الدسم، بدلا من كامل الدسم أو المبيض، فهذا التغيير البسيط قد يساعد على تقليل المحتوى الكلي من السعرات الحرارية والدهون. تحرر من الرغبة في التحلية، فقد يؤدي السكر أو العسل أو الإضافات الأخرى إلى القهوة أو الشاي لتحويلها إلى مشروبات أقل فائدة. أضف القرفة أو الهيل أو جوزة الطيب إلى مشروبك، فهذه التوابل قد تساعد في علاج مرض السكري، والوقاية منه ومن السمنة. اخلط عصير الليمون بالشاي، فقد أظهرت الدراسات التي أجريت على أنابيب الاختبار والحيوانات أن إضافة عصير الليمون إلى الشاي الأخضر قد يرفع فعالية مضادات الأكسدة. كلاهما صحيان وآمنان، لكن قد يكون الشاي الأخضر مناسبا لمن يعانون من القلق أو الأرق، أو يخشون إدمان الكافيين، أما القهوة فتناسب من يبحثون عن زيادة اليقظة، وتحسين الأداء البدني ويبقى في النهاية تحديد أيهما أفضل يتوقف على الاحتياجات الخاصة لكل شخص.

الخرطوم ( كوش نيوز)

Exit mobile version